الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبحث عن الرزق ولا أجده، فهل الذنوب مانعة للرزق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا متزوج منذ 8 سنوات، ولدي طفلان، وأعمل في وظيفة براتب غير كبير، ومتطلبات الحياة كثيرة، وأريد السفر للخارج، لتحسين دخلي وتأمين مستقبل أسرتي.

وبالفعل بحثت عن فرص سفر كثيرة، ولم أوفق في كل مرة، رغم الاستعداد والتوكل على الله حق التوكل، فهل هذا نحس، أم هذا رزق ليس لي نصيب فيه؟ وهل الذنوب البسيطة تمنع الرزق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رجل مكسور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يكفيك بحلاله عن حرامه، ويُغنيك بفضله عمَّن سواه، ونسأله أن ييسّر لك رزقك.

ونصيحتنا لك - أيها الحبيب - تتمثّل في الأمور الآتية:
أولاً: احرص على تحقيق تقوى الله تعالى، فهي مفتاح لكل خير، وقد قال الله في كتابه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وتقوى الله هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية، والمقصود بها أن تُُؤدّي فرائض الله تعالى التي كلَّفك بفعلها، وأن تجتنب ما حرَّمه الله تعالى عليك، وإذا وقعت في ذنبٍ فبادر إلى التوبة بالندم على فعلك للذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه.

وإذا ثبت على هذا الطريق وداومت السير عليه، فإنك -بإذن الله تعالى- ستصل إلى ما قدّره الله تعالى من الرزق الحسن، ومن الرزق الحسن بلا شك قناعة النفس واطمئنان القلب، فكم من إنسانٍ فقير ولكنّه يعيش سعادة وافرة وحياة طيبة، فالحياة الطيبة جائزةٌ لمن آمن وعمل صالحًا، كما قال الله في كتابه الكريم: {من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة}.

ونوصيك ثانيًا - أيها الحبيب - بالأخذ بالأسباب المباحة المشروعة للوصول إلى رزقك المكتوب، فلا تتهاون في الأخذ بالسبب المباح، فإذا أخذت بالأسباب واتقيت الله تعالى بقدر طاقتك، فاعلم أنه لن يمنعك الله سبحانه وتعالى من شيءٍ إلَّا لأن المنع خيرٌ لك، فارضَ بقضاء الله تعالى، وفوض أمورك إليه، وأحسن ظنّك به، فقد يُقدّرُ الله تعالى عليك بعض الأمور التي تكرهها، ولكن عَلِم الله أن فيها الخير لك، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

واعلم - أيها الحبيب - أن كل ما يأتيك في هذه الحياة أو يُصرف عنك؛ كلُّ ذلك بقضاء الله تعالى وقدره، وقد كتب الله تعالى المقادير قبل أن نخرج نحن إلى هذه الحياة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة).

فإذا آمنت بهذه العقيدة وصدقت بها وعقد قلبُك عليها، فإنك لن تجد حُزنًا لشيءٍ فاتك، ولن تغترَّ وتتكبَّرَ برزقٍ أتاك، وقد قال الله في كتابه الكريم: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلَّا في كتابٍ من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}.

وبهذا كلِّه تعلم - أيها الحبيب - أن حرمانك من بعض الأشياء التي تحبها ليس لأنه نحس، أو شؤم عليك، إنما الشُّؤم الحقيقي في الذنوب والمعاصي، فإذا وقعت في الذنوب فحاول إصلاح أحوالك بالتوبة والندم والاستغفار، فالاستغفار بابٌ واسع من أبواب الرزق كما وردت بذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فبادر بالاستغفار والتوبة، وستجد أن أمورك تمشي نحو الأفضل، وأن حياتك ستكون حياةً سعيدةً هانئة، سواء توسَّع رزقك أو لم يتوسَّع.

نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الخير ويُسهّل لك الأمر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً