الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل كمترجم مقابل أن يحج هو وزوجته

السؤال

هل يجوز لي العمل كمترجم لفوج حج من الولايات المتحدة ونظير هذا العمل أحصل على إعفاء من نفقات الحج لي ولزوجتي-حج الفريضة لكلينا- مع العلم أنني لم أطلب ذلك العمل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما العمل المباح من الإجارة وغيرها في الحج فلا حرج فيه.

قال الجصاص في أحكام القرآن: باب التجارة في الحج قال الله عقيب ذكر الحج، والتزود له: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198}. يعني المخاطبين بأول الآية وهم المأمورون بالتزود للحج وأباح لهم التجارة فيه، وروى أبو يوسف عن العلاء بن السائب عن أبي أمامة قال: قلت لابن عمر: إني رجل أكري الإبل إلى مكة أفيجزي من حجتي؟ قال: ألست تلبي فتقف وترمي الجمار ؟ قلت: بلى. قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل ما سألتني، فلم يجبه حتى أنزل الله هذه الآية: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198}. فقال: أنتم حاج. وقال عمرو بن دينار: قال ابن عباس: كانت ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية، فلما كان الإسلام تركوا حتى نزلت: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198} في مواسم الحج. اهـ.

وقال الحطاب في مواهب الجليل: واستحبوا له أيضا أن تكون يده فارغة من التجارة ليكون قلبه مشغولا بما هو بصدده فقط إلا أن ذلك لا يقدح في صحة حجه ولا يأثم به. قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198} دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادات وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركا ولا يخرج به المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه... أما الحج دون تجارة فهو أفضل لعروها عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بغيرها. انتهى. اهـ.

وقال النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب: يستحب لقاصد الحج أن يكون متخليا عن التجارة ونحوها في طريقه، فإن خرج بنية الحج والتجارة فحج واتجر صح حجه وسقط عنه فرض الحج، لكن ثوابه دون ثواب المتخلي عن التجارة، وكل هذا لا خلاف فيه. اهـ.

وقال الخرقي: وللمحرم أن يتجر، ويصنع الصنائع،..

وقال ابن قدامة في المغني معلقاً على ذلك: أما التجارة والصناعة فلا نعلم في إباحتهما اختلافا. اهـ.

بقي أن ننبه إلى أن من شروط الإجارة أن يكون الأجر معلوماً، فإذا تم الاتفاق على أجر معلوم فلا حرج في ذلك ولا بأس أن يكون قدر أجرك كمقدار نفقة الحج لك ولزوجك، أما إذا تم الاتفاق على أن يكون أجرك هو التكفل بنفتك ونفقة زوجك مدة الحج ففي صحة هذه الإجارة خلاف بين العلماء ينبني على اختلافهم في حكم استئجار الأجير بطعامه، وهذه الإجارة تجوز في قول المالكية و الحنابلة، لما رواه ابن ماجه و البيهقي عن أبى هريرة رضي الله عنه أنه قال: كنت أجيراً لابنة غزوان بطعام بطني، وعقبة رجلي، أحطب لهم إذا نزلوا، وأحدو بهم إذا ركبوا. وصحح إسناده البوصيرى في زوائد ابن ماجه.

ولا تجوز هذه الإجارة عند الحنفية، والشافعية، ورواية للحنابلة، وراجع في هذا الفتويين: 68160، 98430.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني