الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعطاه مالا بدون سؤال وبعد زمن طلبه منه

السؤال

رجل أعطاني مبلغا من المال بدون سؤالي ولم يتكلم بأي شيء ومر الزمن ويسأل عن الفلوس الآن، فماذا أفعل؟ وهل أردها له أم لا؟
الرجاء الجواب في زمن قريب على هذا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطالما أن هذا الرجل أعطاك دون سؤال، ودون لفظ القرض وما في معناه، ودون قرينة تدل على نية الإقراض، فهذا المال محمول على الهبة، لأن القرض لا بد فيه من إيجاب أو قرينة دالة عليه، جاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في صحة الإيجاب بلفظ القرض والسلف وبكل ما يؤدي معناهما، كأقرضتك وأسلفتك وأعطيتك قرضا أو سلفا وملكتك هذا على أن ترد لي بدله، وخذ هذا فاصرفه في حوائجك ورد لي بدله، ونحو ذلك، أو توجد قرينة دالة على إرادة القرض، كأن سأله قرضا فأعطاه. اهـ.

وأما الهبة: فتعقد بالمعاطاة وبالفعل، قال خليل في مختصره: بصيغة أو مفهمها وإن بفعل: كتحلية ولده. اهـ.

وفي التاج والإكليل للموافق: الركن الأول: السبب الناقل للملك وهي صيغة الإيجاب والقبول الدالة على التمليك بغير عوض، أو ما يقوم مقامها في الدلالة على ذلك من قول أو فعل. اهـ.

وقال ابن قدامة في المقنع: تحصل الهبة بما يتعارفه الناس هبة من الإيجاب والقبول والمعاطاة المقترنة بما يدل عليها. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 60263.

وإن اختلف الآخذ والمعطي بعد ذلك، فعدم ذكر العوض يدل على أنه هبة، فيحكم للآخذ بقوله مع يمينه، قال الشيرازي في المهذب: إن اختلفا فيه، فالقول قول الموهوب له، لأنه الظاهر معه، فإن التمليك من غير ذكر عوض هبة في الظاهر. اهـ.

وفي مطالب أولي النهى للرحيباني: إنْ قَالَ: مَلَّكْتُك، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ، وَلَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ، فَهُوَ هِبَةٌ، لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُعْطِي: هُوَ قَرْضٌ، وَقَالَ الْآخِذُ: هُوَ هِبَةٌ فَقَوْلُ آخِذٍ بِيَمِينِهِ فِي مَلَّكْتُكَ أَنَّهُ هِبَةٌ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ. اهـ.

وإذا قلنا إن هذا المال هبة وليس قرضا، فلا يجوز الرجوع في الهبة بعد قبضها على الراجح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 169837.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني