الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأب إذا زوج بعض أولاده .. هل يجب عليه إعطاء الباقين مثل ما أنفق عليهم

السؤال

زوجت بعض أولادي وبعض بناتي ـ ولله الحمد ـ وجميعهم تكفلت بمصروفات زواجهم إلا واحدا من الأولاد وواحدة من البنات والسبب
بالنسبة للولد حال دون ذلك موت أخيه وقد أسر لوالدته الآن بأنني صرفت على إخوته في حفل زواجهم وهو يريد مالا مقابل ذلك، لأنني لم أعمل له حفلا، فهل هذا حق مشروع له؟ ولا أريد أن يؤاخذني ربي بسببه، أما البنت فطلبت عدم إقامة حفل لأن في ذلك مصاريف لا داعي لها وطلبت إقامة حفل الزواج في بيتنا، فهل أعطيها كذلك؟ علما أنني أساعدهم كلهم ماليا في أي شيء يحتاجونه، أرجو سرعة الإجابة قبل انقضاء العمر ويحين الأجل، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالراجح عندنا أن العدل بين الأولاد في العطايا والهبات واجب، إلا أن تكون لبعض الأولاد حاجة خاصة تقتضي تفضيله بقدر حاجته، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 6242.

وعليه، فما أنفقته على بعض ولدك في تزويجهم زائدا عن الحاجة فعليك أن تعطي سائر ولدك مثله، وأما ما كان بقدر الحاجة فلا يلزمك التسوية فيه بين أولادك، فإن العدل في النفقة يكون بإعطاء كل ولد بقدر حاجته، وأما الهبات والعطايا فيلزم فيها التسوية، قال البهوتي: فائدة: نص أحمد في رواية صالح وعبد الله وحنبل فيمن له أولاد زوج بعض بناته فجهزها وأعطاها قال: يعطي جميع ولده مثل ما أعطاها، وعن جعفر بن محمد سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل له ولد يزوج الكبير وينفق عليه ويعطيه، قال: ينبغي له أن يعطيهم كلهم مثل ما أعطاه أو يمنحهم مثل ذلك.

قال ابن القيم رحمه الله: ...عن أحمد: إذا زوج بعض ولده وجهزه له ولد سواهم وهم عنده ينفق عليهم ويكسوهم فإن كان نفقته عليهم مما يجحف بماله ينبغي له أن يواسيهم وإن لم يجحف بماله وإنما هي نفقة فلا يكون عليه شيء، قال أبو حفص: قوله يجحف بماله يعني ينفق فوق الحاجة ينبغي أن يعطي الذين خرجوا من نفقته بإزاء ذلك، لأن ما زاد على النفقة يجري مجرى النحل.

و قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول. اهـ.

وقال أيضا: لو احتاج أحدهم إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل المهر والنفقات التي زوج بها الولد، ولكن العدل في ذلك أنه إذا بلغ الثاني مبلغ الزواج فإنه يزوجه.

وقد ذكرت في سؤالك أن ابنك الأخير قد تزوج لكن في ظرف موت أخيه مما حال دون عمل حفل وإذا كنت قد أنفقت على زواج الابن لكنك لم تعمل الحفل بسبب المصيبة عن رضى من الابن فلا حرج عليك ولا يلزمك أن تعطيه ما يساوي مثل ما أنفقت على زواج باقي أبنائك لأنها نفقة فتكون على قدر الحاجة وكذلك البنت فإنها طلبت عدم عمل حفل لها وقد أحسنت صنعا فلا يلزمك أن تعطيها مثلما أنفقت على تجهيز أخواتها فكانت حاجتها إلى عمل الزواج بالبيت فقط فاعطيت على قدر حاجتها وقد ضرب الشيخ ابن عثيمين مثالا للتفاوت في الحاجات وعدم لزوم دفع الزائد نقدا فقال: ولهذا أمثلة كثيرة إذا كان الأولاد يختلفون في كبر الأجسام فمن المعلوم أنك إذا كسوت كبير الجسم لا يلزمك أن تضيف إلى كسوة صغير الجسم شيئاً من المال مقابل ما زاد على أخيه، بل تعطي كل إنسان ما يحتاجه، والخلاصة أن العدل بين الأولاد أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاجه وإذا أعطى أحداً بلا حاجة فحينئذٍ يكون مفضلاً فعليه أن يرده هذا التفضيل أو أن يعطي الآخرين مثله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني