الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قرار مجمع الفقه الإسلامي في التورق المنظم

السؤال

أعمل طبيبا، وأمامي عرض لأحصل على جهاز سونار عن طريق البنك. تفاصيل العرض كالآتي: آتي بعرض سعر من شركة سونار، وأشتري بأقساط عن طريق البنك الإسلامي. البنك يقول إن التقسيط يكون كالآتي: يشتري البنك معدنا وتكتب تفاصيله في العقد، ثم يبيعه لي بالتقسيط. مثلا: أنا أريد 600 ألف، فسيبيع لي هذا المعدن ب 800 من أجل التقسيط، وسيكتب في العقد أنه باع لي هذا المعدن، وإذا كنت أريد أن أستلمه فسأستلمه، ثم يبيع البنك هذا المعدن لشركة معادن أخرى ويعطيني فلوسي على هيئة شيك باسم شركة السونار. فهل هذه المعاملة جائزة؟مع العلم أن عندي جهاز سونار لكنه للأسف ليس جيدا، ويضايقني في عملي، ولا أمتلك شيئا أبيعه إلا سيارة أحتاجها، وشقة سكنية أسكن فيها. ونظام التقسيط مريح جدا على مدى 7 سنين، وبفائدة 2.5%؟وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمعاملة حسب وصفك لها يظهر أنها من قبيل ما يعرف بالتورق المنظم. وهو محل خلاف بين أهل العلم من المعاصرين وأكثرهم على منعه، وبذلك صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي .

ففي دورته السابعة عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من 13-2003/12/17، أصدر بياناً جاء فيه:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من 19-24-1424/10/هـ. الذي يوافقه 13-2003/12/17م. قد نظر في موضوع: التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر.

وبعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة حول الموضوع، والمناقشات التي دارت حوله؛ تبين للمجلس أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر هو: قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة (ليست من الذهب أو الفضة) من أسواق السلع العالمية أو غيرها، على المستورق بثمن آجل، على أن يلتزم المصرف -إما بشرط في العقد، أو بحكم العرف والعادة- بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر بثمن حاضر، وتسليم ثمنها للمستورق.

وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي:

أولاً: عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد؛ للأمور الآتية:

1- أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر، أو ترتيب من يشتريها؛ يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعاً، سواء أكان الالتزام مشروطاً صراحة، أم بحكم العرف والعادة المتبعة.

2- أن هذه المعاملة تؤدي في كثير من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.

3- أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة، لما سمي بالمستورق فيها، من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري منه، والتي هي صورية في معظم أحوالها، هدف البنك من إجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل.

وهذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء، وقد سبق للمجمع في دورته الخامسة عشرة أن قال بجوازه بمعاملات حقيقية وشروط محددة بينها قراره.... وذلك لما بينهما من فروق عديدة فصلت القول فيها البحوث المقدمة.

فالتورق الحقيقي يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل، تدخل في ملك المشتري ويقبضها قبضاً حقيقيا، وتقع في ضمانه، ثم يقوم ببيعها هو بثمن حال لحاجته إليه، قد يتمكن من الحصول عليه وقد لا يتمكن، والفرق بين الثمنين الآجل والحال لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على المعاملة لغرض تبرير الحصول على زيادة لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظم أحوالها، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبينة التي تجريها بعض المصارف.

ثانياً: يوصي مجلس المجمع جميع المصارف بتجنب المعاملات المحرمة، امتثالاً لأمر الله تعالى، كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني