الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الامتناع عن الإنفاق وتعليق طلاق الزوجة بدفع المال

السؤال

أنا متزوجة لثاني مرة من زوجي، لكن عرفي على يد شيخ واثنين شهود في بلد غربي، وأنا أقيم معه لكن منذ حوالي عامين هو لا يعمل ولا يصرف شيئا وحقوقي كزوجة أيضاً لا، وأنا طالبة منه الطلاق وهو طالب مني 300 يورو من أجل الطلاق، وأنا أخاف أعطي له ولا يطلقني، وللأسف أنا ليس عندي أحد هنا والشيخ الذي قام بتزويجنا لا يقدر أن يساعدني، فماذا أفعل، وما حكم الشرع في زوجة معها أولاد وهي التي تصرف عليهم والزوج اسم فقط ولا يصرف ولا يعطي أي حقوق أو واجبات عليه، ما حكم الشرع في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزواج العرفي اسم أطلق على الزواج الذي لم يوثق في المحكمة، وربما أطلق على ما يقع من اتفاق بين رجل وامرأة على الزواج بدون توفر شروط الزواج الشرعية، وسبق الكلام عليهما في الفتوى رقم: 5962.

وأما نكاح الأخت السائلة فيبدو أنه قد تم بغير ولي، وقد سبق أن النكاح بلا ولي باطل، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 48058.

وعليه فيجب أن يفرق بينهما، وإذا امتنع الزوج من الطلاق، فلها أن ترفع أمرها إلى قاض شرعي، أو من يقوم مقامه ليفسخ النكاح، قال ابن قدامة في المغني: وإذا تزوجت المرأة تزويجاً فاسداً لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها، وإذا امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه. انتهى.

ولها أن ترجع عليه بما أنفقته على أولاده إن لم تكن أنفقت متبرعة, أما نفقتها هي فليس لها الرجوع بها عليه، إلا أن تكون حاملاً، لأنه ليس بينهما نكاح صحيح.

قال ابن قدامة (6531) فصل: ولا تجب النفقة على الزوج في النكاح الفاسد، لأنه ليس بينهما نكاح صحيح، ... إن كانت حائلاً، لأنه إذا لم يجب ذلك قبل التفريق، فبعده أولى، وإن كانت حاملاً، فعلى ما ذكرنا من قبل -يعني قوله قبل- إن كانت حاملاً من نكاح فاسد، أو وطء شبهة، وقلنا: النفقة للحمل فعلى الزوج والواطئ لأنه ولده، فلزمته نفقته كما بعد الوضع وإن قلنا: للحامل فلا نفقة عليه، لأنها ليست زوجة يجب الإنفاق عليها.

فإن قلنا: لها النفقة إذا كانت حاملاً فلها ذلك قبل التفريق، لأنه إذا وجب بعد التفريق فقبله أولى.... وكل معتدة من الوطء في غير نكاح صحيح، .. إن كان يلحق الواطئ نسب ولدها، فهي كالموطوءة في النكاح الفاسد، وإن كان لا يلحقه نسب ولدها، كالزاني فليس عليه نفقتها، حاملاً كانت أو حائلاً، لأنه لا نكاح بينهما، ولا بينهما ولد ينسب إليه. انتهى باختصار.

ولا يجوز للزوج أن يمسك زوجته التي تزوجها زواجاً صحيحاً ضراراً ليعتدي عليها بأخذ شيء من مالها مقابل طلاقها، قال تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا {البقرة:231}، وهذا في النكاح الصحيح، وأما النكاح الفاسد فلا يجوز إقراره ولا الاستمرار عليه.

وإذا أراد الرجل والمرأة أن تكون علاقتهما صحيحة، وعزم الزوج على أن يمسكها بمعروف بأن يقوم بما يجب عليه من حقها في النفقة والوطء وباقي الحقوق فيمكنهما أن يجددا عقد الزواج بحضور الولي أو وكيله مع بقية شروط العقد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني