الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سيدي الكريم: طلقني زوجي بلفظ أنت طالق بعد أن أمره أخوه بذلك ولم يكن ينوي الطلاق وإنما التهديد والتأديب ثم أعاد أخوه الطلب في اليوم الثاني فقال زوجي وحياة القرآن أنت طالق ولم ينو الطلاق، وإنما التهديد وبعد ثلاثة أيام طلبت منه أمه أن يطلق الثالثة وينهي الأمر فرفض وأصرت أمه إصراراً شديداَ جداَ وبعد مشاجرة عنيفة قام بتطليقي للمرة الثالثة ونوى في قلبه أنه فعل ذلك إرضاء لأمه ولا يريد الطلاق ثم أمرته أمه أن يقوم بالمخالعة فقام بها ظنا منه أنها فسخ لعقد الزواج وليست بطلقة، وكان يعتقد أن لأمه رضا وغضبا في هذا الموضوع، فالرجاء الرد بعدد الطلقات الواقعة ولك الأجر والثواب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي ظهر من سؤالك أن زوجك قد طلقك ثلاث تطليقات وبذلك تبينين منه وتحرمين عليه ما لم تنكحي زوجاً غيره، كما قال تعالى: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة:229-230}، ولا اعتبار لكونه قصد التهديد أو غيره لأن اللفظ من صريح الطلاق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق والعتاق والرجعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. وليس فيما ذكرت من الإكراه الملجئ له إلى الطلاق حتى يعذر به، فوقع عليه ما أوقعه على نفسه في وعيه.

وأما المخالعة فلا محل لها بعدما طلقك الطلقة الثالثة لأنك قد بنت منه بها، ولك أن تأخذي منه ما دفعته له مقابل الخلع إذ لا حق له عليك بعد البينونة، وهذا كله على اعتبار أنه قصد إنشاء الطلاق بحلفه لأخيه (وحياة القرآن هي طالق)، وأما إن كان قصد به حكاية ما كان من طلقته الأولى فحكى له ذلك وأكده بالقسم عليه فتكون الطلقات اثنتين فقط، وإذا كنت قد خالعتيه فتبينين منه بذلك على القول بأن الخلع طلاق، كما هو الراجح وانظري في ذلك الفتوى رقم: 35310.

كما ننبه هنا إلى مسألة وهي أنه إذا كان أوقع تلك الطلقات أو بعضها قبل انتهاء العدة من التي قبلها فهذا من قبيل الطلاق البدعي وهو محرم، لكنه واقع على المعتمد من كلام أهل العلم، وقد بينا ذلك في هاتين الفتويين: 55202، 64355.

كما ننبه إلى أن في السؤال نوع غموض فنرجو رفع المسألة إلى المحاكم الشرعية لتبت فيها وتستفصل عما ينبغي الاستفصال عنه وتسمع منكما معا ثم تحكم بما تراه، وللفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 31521.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني