( 4175 ) مسألة قال : ( ولا يتصرف مالك العقار فيه إلا عند تقضي المدة ) وجملته أن ، كما يملك المشتري المبيع بالبيع ، ويزول ملك المؤجر عنها ، كما يزول ملك البائع عن المبيع ، فلا يجوز له التصرف فيها ; لأنها صارت مملوكة لغيره ، كما لا يملك البائع التصرف في المبيع ، فإن تصرف فيها نظرنا ; فإن كان ذلك في حال بدا للمستأجر قبل تقضي المدة مثل أن يكتري دارا سنة فيسكنها شهرا ويتركها ، فيسكنها المالك بقية السنة ، أو يؤجرها لغيره ، احتمل أن ينفسخ العقد فيما استوفاه المالك ; لأنه يتصرف فيه قبل قبض المكتري له ، فأشبه ما لو تلف المكيل قبل تسليمه ، وسلم باقيه المستأجر يملك المنافع بالعقد
فعلى هذا ، إن تصرف المالك في بعض المدة دون بعض ، انفسخ العقد في قدر ما تصرف فيه دون ما لم يتصرف فيه ، ويكون على المستأجر ما بقي ، فلو سكن المستأجر شهرا ، وتركها شهرا ، وسكن المالك عشرة أشهر ، لزم المستأجر أجر شهرين . وإن سكنها شهرا ، وسكن المالك شهرين ، ثم تركها ، فعلى المستأجر أجر عشرة أشهر . ويحتمل أن يلزم المستأجر أجر جميع المدة ، وله على المالك أجر المثل لما سكن أو تصرف فيه بقسط ذلك مما على المستأجر من الأجر ، ويلزمه الباقي ; لأنه تصرف فيما ملكه المستأجر عليه غير إذنه ، فأشبه ما لو تصرف في المبيع بعد قبض المشتري له ، وقبض الدار ها هنا قام مقام قبض المنافع ، بدليل أنه يملك التصرف في المنافع بالسكنى والإجارة وغيرها
فعلى هذا ، لو كان أجر المثل الواجب على المالك بقدر المسمى في العقد ، لم يجب على المستأجر شيء ، وإن فضلت منه فضلة ، لزم المالك أداؤها إلى المستأجر ، والأول أولى ، وهو ظاهر مذهب ، وإن تصرف المالك قبل تسليم العين ، أو امتنع من تسليمها حتى انقضت مدة الإجارة ، انفسخت الإجارة ، وجها واحدا ; لأن العاقد قد أتلف المعقود عليه قبل تسليمه ، فانفسخ العقد ، كما لو باعه طعاما فأتلفه قبل تسليمه . وإن سلمها إليه في أثناء المدة انفسخت فيما مضى ، ويجب أجر الباقي بالحصة ، كالمبيع إذا سلم بعضه وأتلف بعضا . الشافعي