[ ص: 325 ] ( باب جناية البهيمة والجناية عليها ) .
قال ( ، وكذا [ ص: 326 ] إذا صدمت ولا يضمن ما نفحت برجلها أو ذنبها ) والأصل أن المرور في طريق المسلمين مباح مقيد بشرط السلامة لأنه يتصرف في حقه من وجه وفي حق غيره من وجه لكونه مشتركا بين كل الناس فقلنا بالإباحة مقيدا بما ذكرنا ليعتدل النظر من الجانبين ، ثم إنما يتقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه ولا يتقيد بها فيما لا يمكن التحرز عنه لما فيه من المنع عن التصرف وسد بابه وهو مفتوح ، والاحتراز عن الإيطاء وما يضاهيه ممكن ، فإنه ليس من ضرورات التيسير فقيدناه بشرط السلامة عنه ، والنفحة بالرجل والذنب ليس يمكنه الاحتراز عنه مع السير على الدابة فلم يتقيد به ( فإن الراكب ضامن لما أوطأت الدابة ما أصابت بيدها أو رجلها أو رأسها أو كدمت أو خبطت ضمن النفحة أيضا ) لأنه يمكنه التحرز عن الإيقاف وإن لم يمكنه عن النفحة فصار متعديا في الإيقاف وشغل الطريق به فيضمنه . أوقفها في الطريق
قال ( وإن لم يضمن ، وإن كان حجرا كبيرا ضمن ) لأنه في الوجه الأول لا يمكن التحرز عنه ، إذ سير الدواب لا يعرى عنه ، وفي الثاني ممكن لأنه ينفك عن السير عادة ، وإنما ذلك بتعنيف الراكب ، والمرتدف فيما ذكرنا كالراكب لأن المعنى [ ص: 327 ] لا يختلف . قال ( فإن أصابت بيدها أو برجلها حصاة أو نواة أو أثارت غبارا أو حجرا صغيرا ففقأ عين إنسان أو أفسد ثوبه لم يضمن ) لأنه من ضرورات السير فلا يمكنه الاحتراز عنه ( وكذا إذا أوقفها لذلك ) لأن من الدواب ما لا يفعل ذلك إلا بالإيقاف ، وإن أوقفها لغير ذلك فعطب إنسان بروثها أو بولها ضمن لأنه متعد في هذا الإيقاف لأنه ليس من ضرورات السير ، ثم هو أكثر ضررا بالمارة من السير لما أنه أدوم منه فلا يلحق به ( والسائق ضامن لما أصابت بيدها أو رجلها والقائد ضامن لما أصابت بيدها دون رجلها ) والمراد النفحة . قال رضي الله عنه : هكذا ذكره راثت أو بالت في الطريق وهي تسير فعطب به إنسان في مختصره ، وإليه مال بعض المشايخ . القدوري
ووجهه أن النفحة بمرأى عين السائق فيمكنه الاحتراز عنه وغائب عن بصر القائد فلا يمكنه التحرز عنه . وقال أكثر المشايخ : إن السائق لا يضمن النفحة أيضا وإن كان يراها ، إذ ليس على رجلها ما يمنعها به فلا يمكنه التحرز عنه ، [ ص: 328 ] بخلاف الكدم لإمكانه كبحها بلجامها . وبهذا ينطق أكثر النسخ وهو الأصح . وقال : يضمنون النفحة كلهم لأن فعلها مضاف إليهم ، والحجة عليه ما ذكرناه ، وقوله عليه الصلاة والسلام { الشافعي } ومعناه النفحة بالرجل ، وانتقال الفعل بتخويف القتل كما في المكره وهذا تخويف بالضرب . قال ( وفي الجامع الصغير وكل شيء ضمنه الراكب ضمنه السائق والقائد ) لأنهما مسببان بمباشرتهما شرط التلف وهو تقريب الدابة إلى مكان الجناية فيتقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه كالراكب ( إلا أن على الراكب الكفارة ) فيما أوطأته الدابة بيدها أو برجلها ( ولا كفارة عليها ) ولا على الراكب فيما وراء الإبطاء ، لأن الراكب مباشر فيه لأن التلف بثقله وثقل الدابة تبع له ، لأن سير الدابة مضاف إليه وهي آلة له وهما مسببان لأنه لا يتصل منهما إلى المحل شيء ، وكذا الراكب في غير الإيطاء ، والكفارة حكم المباشرة لا حكم التسبب ، وكذا يتعلق بالإيطاء في حق الراكب حرمان الميراث والوصية دون السائق والقائد لأنه يختص بالمباشرة ( ولو كان راكب وسائق قيل : لا يضمن السائق ما أوطأت الدابة ) لأن الراكب مباشر فيه لما ذكرناه والسائق مسبب ، والإضافة إلى المباشر أولى . وقيل : الضمان عليهما لأن كل ذلك سبب الضمان . . الرجل جبار
[ ص: 325 ]