المطلب الرابع: الشرط الرابع: أن يكون الواقف مسلما
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: وقف المرتد:
وقف المسلم مشروع بإجماع القائلين بشرعية الوقف.
واختلف العلماء رحمهم الله في حكم وقف المرتد، وذلك بناء على اختلافهم في حكم تصرفات المرتد المالية على أقوال:
القول الأول: أن وقف المرتد موقوف إن أسلم بان نفوذه، وإلا بان فساده.
وبه قال أبو حنيفة، في القديم، والشافعي وابن قدامة، وصاحب الشرح الكبير من الحنابلة.
القول الثاني: أن وقفه باطل.
وبه قال المالكية، في الجديد، والشافعي والحنابلة.
القول الثالث: أن وقفه نافذ.
وبه قال أبو يوسف، وبعض ومحمد بن الحسن، الحنابلة. [ ص: 364 ]
الأدلة:
أدلة القول الأول: (التفصيل ) :
1 - أن الصحابة رضي الله عنهم لم يبطلوا عقود المرتدين.
2 - أن المرتد حربي مقهور تحت أيدينا، فصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان فنأسره فتتوقف تصرفاته لتوقف حاله، وفي الأهلية خلل لاستحقاق القتل لبطلان سبب العصمة.
دليل القول الثاني: (بطلان وقفه ) : أن ملكه قد زال بردته، فلا تصح تصرفاته; لتصرفه في ملك غيره.
ونوقش: بعدم التسليم بزوال ملكه.
دليل القول الثالث: (نفوذ وقفه ) :
أن الصحة تعتمد الأهلية، والنفاذ يعتمد الملك، والنفاذ والملكية موجودان.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لما فيه من الجمع بين الأدلة، وأيضا فإن ملكه تعلق بحق غيره مع بقاء ملكه، فكان تصرفه موقوفا كتبرع المريض.