النوع السادس في تأخير الحنث وتقديمه وفيه مسائل :
إحداها : ، فلا يخفى البر إن أكل غدا ، والحنث إن أخره عن الغد مع الإمكان . فلو تلف الطعام قبل الغد بنفسه ، أو بإتلاف أجنبي ، فقد فات البر بغير اختياره ، فيخرج حنثه على قولي المكره ، والأظهر أنه لا يحنث . ويقال : إنه المنصوص ، فإن قلنا : يحنث ، فهل يحنث في الحال لحصول اليأس ، أم بعد مجيء الغد ؟ فيه قولان أو وجهان ، فقطع حلف : ليأكلن هذا الطعام غدا بالثاني . قال ابن كج المتولي : وفائدة الخلاف أنه لو كان معسرا يكفر بالصوم ، جاز أن ينوي صوم الغد عن كفارته إن قلنا : يحنث قبل الغد .
قلت : ومن فوائده لو مات الحالف قبل مجيء الغد أو أعسر ، وقلنا : يعتبر في الكفارة حال الوجوب . - والله أعلم - .
[ ص: 68 ] فإن قلنا : لا يحنث قبل مجيء الغد ، فهل يحنث إذا مضى من الغد زمن إمكان الأكل أم قبيل غروب الشمس ؟ وجهان . قال البغوي : أصحهما الأول ولو مات الحالف قبل مجيء الغد ، فقيل : هو كتلف الطعام ، فيكون على الخلاف ، والمذهب القطع بأن لا حنث ، وهو الذي يقتضي كلام ابن كج والبغوي وغيرهما ، لأنه لم يبلغ زمن البر والحنث . ولو مات بعد مجيء الغد وقبل إمكان الأكل ، فهو كتلف الطعام بعد مجيء الغد على ما سنذكره إن شاء الله تعالى من التفصيل ، وقطع المتولي بأن لا حنث .
أما إذا تلف الطعام أو بعضه بعد مجيء الغد ، فينظر ، إن كان قبل التمكن من الأكل ، فهو كتلف الطعام قبل الغد ، وفيه الخلاف . وإن تلف بعد التمكن ، أو مات الحالف بعد التمكن ، فالمذهب الحنث ، لأنه تمكن من البر ، فصار كما لو قال : لآكلن هذا الطعام ، وتمكن من أكله ولم يأكله حتى تلف ، فإنه يحنث قطعا . فعلى هذا هل يحنث في الحال ، أم قبل غروب الشمس ؟ فيه الوجهان . ولو أتلف الحالف الطعام قبل الغد بأكله أو بغيره ، أو أتلف بعضه ، حنث ، وهل يحنث في الحال ، أم بعد مجيء الغد ؟ فيه الخلاف ، هما لو تلف . ولو قال : لآكلن هذا الطعام قبل غد ، فتلف قبل الغد وبعد التمكن ، حنث . وهل يكون حنثه في الحال ، أم إذا جاء أول الغد ؟ وجهان حكاهما الصيدلاني . ولو قال : لآكلنه اليوم ، فيقاس بما ذكرناه في الغد .