الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        وأما المرجحات باعتبار المتن فهي أنواع :

                        ( النوع الأول ) : أن يقدم الخاص على العام ، كذا قيل ، ولا يخفاك أن تقديم الخاص على العام بمعنى العمل به فيما تناوله ، والعمل بالعام فيما بقي ليس من باب الترجيح ، بل من باب الجمع ، وهو مقدم على الترجيح .

                        ( النوع الثاني ) : أنه يقدم الأفصح على الفصيح ؛ لأن الظن بأنه لفظ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أقوى .

                        وقيل : لا يرجح بهذا ؛ لأن البليغ يتكلم بالأفصح والفصيح .

                        ( النوع الثالث ) : أنه يقدم العام الذي لم يخصص على العام الذي قد خصص ، كذا نقله إمام الحرمين عن المحققين ، وجزم به سليم الرازي ، وعللوا ذلك بأن دخول التخصيص يضعف اللفظ ، ويصير به مجازا ، قال الفخر الرازي : لأن الذي قد خصص قد أزيل عن تمام مسماه .

                        واعترض على ذلك الصفي الهندي : بأن المخصص راجح ، من حيث كونه خاصا بالنسبة إلى العام ، الذي لم يخصص ( واختار ابن المنير تقديم العام المخصوص على [ ص: 791 ] العام الذي لم يخصص ) ؛ لأن المخصوص قد قلت أفراده ، حتى قارب النص ، إذ كل عام لا بد أن يكون نصا في أقل متناولاته .

                        ( النوع الرابع ) : أنه يقدم العام الذي لم يرد على سبب على العام الوارد على سبب ، كذا قال إمام الحرمين في البرهان ، وإلكيا ، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي في اللمع وسليم الرازي في التقريب والرازي في المحصول قالوا : لأن الوارد على غير سبب متفق على عمومه ، والوارد على سبب مختلف في عمومه .

                        قال الصفي الهندي : ومن المعلوم أن هذا الترجيح إنما يتأتى بالنسبة إلى ذلك السبب ، وأما بالنسبة إلى سائر الأفراد المندرجة تحت العامين . فلا انتهى .

                        وفيه نظر ، لأن الخلاف في عموم الوارد على سبب هو كائن في سائر الأفراد .

                        ( النوع الخامس ) : أنها تقدم الحقيقة على المجاز ؛ لتبادرها إلى الذهن ، هذا إذا لم يغلب المجاز .

                        ( النوع السادس ) : أنه يقدم المجاز الذي هو أشبه بالحقيقة على المجاز الذي لم يكن كذلك .

                        ( النوع السابع ) : أنه يقدم ما كان حقيقة شرعية ، أو عرفية على ما كان حقيقة لغوية ، قال في المحصول : وهذا ظاهر في اللفظ الذي قد صار شرعيا ، لا فيما لم يكن كذلك ، كذا قال ، ولا يخفى أن الكلام فيما صار شرعيا ، لا فيما لا يثبت كونه شرعيا ، فإنه خارج عن هذا .

                        ( النوع الثامن ) : أنه يقدم ما كان مستغنيا عن الإضمار في دلالته على ما هو مفتقر إليه .

                        ( النوع التاسع ) : أنه يقدم الدال على المراد من وجهين على ما كان دالا على المراد من وجه واحد .

                        ( النوع العاشر ) : أنه يقدم ما دل على المراد بغير واسطة على ما دل عليه بواسطة .

                        ( النوع الحادي عشر ) : أنه يقدم ما كان فيه الإيماء إلى علة الحكم على ما لم يكن [ ص: 792 ] كذلك ؛ لأن دلالة المعلل أوضح من دلالة ما لم يكن معللا .

                        ( النوع الثاني عشر ) : أنه يقدم ما ذكرت فيه العلة متقدمة على ما ذكرت فيه العلة متأخرة ، وقيل : العكس .

                        ( النوع الثالث عشر ) : أنه يقدم ما ذكر فيه معارضة على ما لم يذكر ، كقوله : كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها على الدال على تحريم الزيارة مطلقا .

                        ( النوع الرابع عشر ) : أنه يقدم المقرون بالتهديد على ما لم يقرن به .

                        ( النوع الخامس عشر ) : أن يقدم المقرون بالتأكيد على ما لم يقرن به .

                        ( النوع السادس عشر ) : أنه يقدم ما كان مقصودا به البيان على ما لم يقصد به .

                        ( النوع السابع عشر ) : أن يقدم مفهوم الموافقة على مفهوم المخالفة ، وقيل : بالعكس ، وقيل : لا يرجح أحدهما على الآخر والأول أولى .

                        ( النوع الثامن عشر ) : أنه يقدم النهي على الأمر .

                        ( النوع التاسع عشر ) : أنه يقدم النهي على الإباحة .

                        ( النوع العشرون ) : أنه يقدم الأمر على الإباحة .

                        ( النوع الحادي والعشرون ) : أنه يقدم الأقل احتمالا على الأكثر احتمالا .

                        ( النوع الثاني والعشرون ) : أنه يقدم المجاز على المشترك .

                        ( النوع الثالث والعشرون ) : أنه يقدم الأشهر في الشرع ، أو اللغة ، أو العرف على غير الأشهر فيها .

                        ( النوع الرابع والعشرون ) : أنه يقدم ما يدل بالاقتضاء على ما يدل بالإشارة وعلى ما يدل بالإيماء وعلى ما يدل بالمفهوم ، موافقة ومخالفة .

                        ( النوع الخامس والعشرون ) : أنه يقدم ما يتضمن تخصيص العام على ما يتضمن تأويل الخاص ؛ لأنه أكثر .

                        ( النوع السادس والعشرون ) : أنه يقدم المقيد على المطلق .

                        [ ص: 793 ] ( النوع السابع والعشرون ) : أنه يقدم ما كانت صيغة عمومه بالشرط الصريح ، على ما كان صيغة عمومه بكونه نكرة في سياق النفي ، أو جمعا معرفا ، أو مضافا ونحوهما .

                        ( النوع الثامن والعشرون ) : أنه يقدم الجمع المحلى ، والاسم الموصول على اسم الجنس المعرف باللام ، لكثرة استعماله في المعهود ، فتصير دلالته أضعف ، على خلاف معروف في هذا ، وفي الذي قبله .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية