الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( من ) ( من ) الجارة ( لابتداء الغاية ) في المكان اتفاقا . نحو قوله تعالى ( { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام } ) وفي الزمان عند الكوفيين والمبرد ، وابن درستويه . نحو قوله تعالى ( { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم } ) ( { ومن الليل فتهجد } ) ( { لله الأمر من قبل ومن بعد } ) وصححه ابن مالك ، وأبو حيان . لكثرة شواهده فتكون في ابتداء الغاية حقيقة . وتكون في غيره من المعاني مجازا ، هذا قول الأكثر .

وقيل : حقيقة في التبعيض مجاز في غيره وقيل : حقيقة في التبين مجاز في غيره ( ولها ) أي ولمن ( معان ) غير ذلك منها : التعليل نحو ( { يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق } ) أي لأجل الصواعق ومنها : البدل [ نحو ] ( { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة } ) ( { ولو نشاء [ ص: 78 ] لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون } ) أي بدلكم . ومنها : انتهاء الغاية ، مثل " إلى " فتكون لابتداء الغاية من الفاعل ، ولانتهاء غاية الفعل من المفعول ، نحو رأيت الهلال من داري من خلل السحاب أي من مكاني إلى خلل السحاب . فابتداء الرؤية وقع من الدار ، وانتهاؤها في خلل السحاب ، ذكر ابن مالك : أن سيبويه أشار إلى هذا المعنى . وأنكره جماعة وقالوا : هي لابتداء الغاية ، لكن في حق المفعول ومنهم من جعلها في هذا المثال لابتداء الغاية في حق الفاعل ، بتقدير : رأيت الهلال من داري ظاهرا من خلل السحاب . ومنها تنصيص العموم ، وهي الداخلة على نكرة لا تختص بالنفي ، نحو ما جاءني من رجل فإنه كان قبل دخولها محتملا لنفي الجنس ولنفي الوحدة . ولهذا يصح أن ، يقول : بل رجلان . [ ويمتنع ذلك بعد دخول " من " ] ومنها : الفصل نحو قوله تعالى ( { والله يعلم المفسد من المصلح } ) وتعرف بدخولها على ثاني المتضادين .

ومنها : مجيئها بمعنى " الباء " . نحو قوله تعالى ( { ينظرون من طرف خفي } ) قال يونس : أي بطرف . ومنها مجيئها بمعنى " في " نحو قوله تعالى ( { أروني ماذا خلقوا من الأرض } ) أي في الأرض . وقوله تعالى ( { فإن كان من قوم عدو لكم } ) بدليل قوله تعالى { وهو مؤمن } ومنها مجيئها بمعنى " عند " نحو قوله تعالى ( { لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا } ) ومثله [ قوله صلى الله عليه وسلم ] " ولا ينفع ذا الجد منك الجد " ومنها : مجيئها بمعنى " على " نحو قوله تعالى ( { ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا } ) أي على القوم . ومنها : مجيئها بمعنى " عن " نحو قوله تعالى ( { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله } ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية