الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        السبب الثاني : الخوف على نفسه ، أو ماله ، فإذا كان بقربه ما يخاف من قصده على نفسه ، أو عضوه ، من سبع ، أو عدو . أو على ماله الذي معه ، أو المخلف في رحله ، من غاصب ، أو سارق . أو كان في سفينة ، وخاف لو استقى من البحر فله التيمم . ولو خاف من قصده الانقطاع عن رفقته ، تيمم إن كان عليه منه ضرر ، وكذا إن لم يكن ضرر على الأصح . ولو وهب الماء لعادمه ، وجب قبوله على الصحيح . ولو أعير الدلو والرشاء ، وجب قبوله قطعا . وقيل : إن زادت قيمة المستعار على ثمن الماء ، لم يجب قبوله . ولو أقرض الماء ، [ ص: 99 ] وجب قبوله على الصحيح . ولو وهب له أجنبي ثمن الماء ، أو آلة الاستقاء ، لم يجب قبوله . وكذا لو وهبه الأب ، أو الابن ، على الصحيح . ولو أقرض ثمن الماء وهو معسر ، لم يجب قبوله . وكذا إن كان موسرا بمال غائب على الأصح . ولو بيع الماء بنسيئة وهو معسر ، لم يجب قبوله . وإن كان موسرا وجب على الصحيح .

                                                                                                                                                                        قلت : وصورة المسألة ، أن يكون الأجل ممتدا إلى أن يصل إلى بلد ماله . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو وجد ثمن الماء ، واحتاج إليه لدين مستغرق ، أو نفقة حيوان محترم معه ، أو لمؤنة من مؤن سفره ، في ذهابه وإيابه ، لم يجب شراؤه . وإن فضل عن هذا كله ، وجب الشراء إن بيع بثمن المثل ، ويصرف إليه أي نوع كان معه من المال . وإن بيع بزيادة ، لم يجب الشراء وإن قلت الزيادة . وقيل : إن كانت مما يتغابن بمثلها ، وجب ، وهو ضعيف . ولو بيع نسيئة ، وزيد بسبب الأجل ما يليق به ، فهو ثمن مثله على الصحيح . وفي ضبط ثمن المثل أوجه . الأصح : أنه ثمنه في ذلك الموضع وتلك الحالة . والثاني : ثمن مثله في ذلك الموضع ، في غالب الأوقات . والثالث : أنه قدر أجرة نقله إلى ذلك الموضع ، وهو ضعيف . ولم يتقدم الغزالي أحد باختياره إياه . ولو بيع آلة الاستقاء ، أو أجرها بثمن المثل وأجرته ، وجب القبول . فإن زاد ، لم يجب . كذا قاله الأصحاب . ولو قيل : يجب التحصيل ما لم يجاوز الزيادة ثمن مثل الماء ، لكان حسنا . ولو لم يجد إلا ثوبا وقدر على شده في الدلو ليستقي ، لزمه ذلك . فلو لم يكن دلو وأمكن إدلاؤه في البئر ليبتل ، ويعصر ما يوضئه ، لزمه ، [ ص: 100 ] فلو لم يصل الماء وأمكن شقه ، وشد بعضه ببعض ، لزمه . هذا كله إذا لم يحصل في الثوب نقص يزيد على أكثر الأمرين : ثمن الماء ، وأجرة الحبل .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية