الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 342 ] [ المسألة الرابعة ]

[ هل اليمين على نية الحالف أو المستحلف ؟ ]

وأما المسألة الرابعة : فإنهم اتفقوا على أن اليمين على نية المستحلف في الدعاوي ، واختلفوا في غير ذلك مثل الأيمان على المواعيد : فقال قوم : على نية الحالف . وقال قوم : على نية المستحلف . وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اليمين على نية المستحلف " . وقال عليه الصلاة والسلام : " يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك " خرج هذين الحديثين مسلم . ومن قال : اليمين على نية الحالف ، فإنما اعتبر المعنى القائم بالنفس من اليمين لا ظاهر اللفظ .

وفي هذا الباب فروع كثيرة ، لكن هذه المسائل الأربع هي أصول هذا الباب ، إذ يكاد أن يكون جميع الاختلاف الواقع في هذا الباب راجعا إلى الاختلاف في هذه ، وذلك في الأكثر .

مثل اختلافهم فيمن حلف أن لا يأكل رءوسا فأكل رءوس حيتان هل يحنث أم لا ؟ فمن راعى العرف قال : لا يحنث ، ومن راعى دلالة اللغة قال : يحنث .

ومثل اختلافهم فيمن حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما ، فمن اعتبر دلالة اللفظ الحقيقي ، قال : لا يحنث ، ومن رأى أن اسم الشيء قد ينطلق على ما يتولد منه قال : يحنث .

وبالجملة فاختلافهم في المسائل الفروعية التي في هذا الباب هي راجعة إلى اختلافهم في هذه المسائل التي ذكرنا ، وراجعة إلى اختلافهم في دلالات الألفاظ التي يحلف بها ، وذلك أن منها ما هي مجملة ، ومنها ما هي ظاهرة ، ومنها ما هي نصوص .

التالي السابق


الخدمات العلمية