الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3924 184 - حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، حدثنا علي ، حدثنا سفيان قال عمرو : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية : أنتم خير أهل الأرض ، وكنا ألفا وأربعمائة ، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر في حديث جابر ، أخرجه عن علي بن عبد الله المعروف بابن المديني ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله ... إلى آخره

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن قتيبة ، وأخرجه مسلم في المغازي ، عن سعيد بن عمرو وآخرين ، وأخرجه النسائي في التفسير ، عن محمد بن منصور .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أنتم خير أهل الأرض " ، هذا يدل صريحا على فضل أهل الشجرة ، وهم الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحتها ، وهم أهل بيعة الرضوان ، وقال الداودي : ولم يرد دخول نفسه فيهم ، واحتج به بعض الشيعة في تفضيل علي على عثمان رضي الله تعالى عنهما ; لأن عليا كان حاضرا وعثمان كان غائبا بمكة . ورد بأن عثمان كان في حكم من دخل تحت الخطاب ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بايع عنه ، وهو غائب ، فدخل عثمان فيهم ، ولم يقصد في الحديث تفضيل بعضهم على بعض ، واحتج به بعضهم على أن الخضر عليه السلام ليس بنبي ; لأنه لو كان حيا مع ثبوت كونه نبيا للزم تفضيل غير النبي على النبي ، وهذا باطل فدل على أنه ليس بحي حينئذ . وأجاب من زعم أنه نبي وأنه حي بثبوت الأدلة الواضحة على نبوته ، وأنه كان حاضرا معهم ، ولم يقصد تفضيل بعض على بعض .

                                                                                                                                                                                  وأجاب بعضهم بأنه كان حينئذ في البحر ، وقال بعضهم : هذا جواب ساقط .

                                                                                                                                                                                  قلت : لا نسلم سقوطه ; لعدم المانع من ذلك ، وادعى ابن التين أنه حي ، وبنى عليه أنه ليس بنبي [ ص: 216 ] لدخوله في عموم من فضل النبي صلى الله عليه وسلم أهل الشجرة عليهم . ورد عليه بأن إنكاره نبوة خضر غير صحيح لما ذكرنا ، وقد بسطنا الكلام فيه في تاريخنا الكبير ، وزعم ابن التين أيضا أن إلياس عليه السلام ليس بنبي ، وبناه على قول من زعم أنه حي . قلت : لم يصح أنه كان حيا حينئذ ، ولئن سلمنا حياته حينئذ فالجواب ما ذكرناه الآن في حق الخضر ، وأما نفي نبوته فباطل ; لأن القرآن نطق بأنه كان من المرسلين ، فلا يمكن أن يكون مرسلا ، وهو غير نبي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ولو كنت أبصر اليوم " إنما قال ذلك لأنه كان عمي في آخر عمره . قوله " لأريتكم " من الإراءة . قوله : " مكان الشجرة " ، وهي شجرة سمرة التي بايعت الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم تحتها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية