الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              4126 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن سعيد قالا حدثنا أبو خالد الأحمر عن يزيد بن سنان عن أبي المبارك عن عطاء عن أبي سعيد الخدري قال أحبوا المساكين فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( اللهم أحيني مسكينا . . . إلخ ) قال القاضي تاج الدين السبكي سمعت الإمام الوالد يقول لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيرا من المال قط ولا كانت حاله حال فقير كان أغنى الناس بالله قد كفى الله دنياه في نفسه وعياله وكان يقول في قوله : اللهم أحيني مسكينا إن المراد به استكانة القلب لا المسكنة التي هي نوع من الفقر وكان يشدد النكير على من يعتقد خلاف ذلك ، وقال البيهقي في سننه : الذي يدل عليه حاله - صلى الله عليه وسلم - عند وفاته أنه لم يسأل المسكنة التي يرجع معناها إلى القلة فقد مات مكفيا بما أفاء الله عليه ، وإنما سأل المسكنة التي يرجع معناها إلى الإخبات والتواضع وكأنه - صلى الله عليه وسلم - سأل الله تعالى أن لا يجعله من الجبارين والمتكبرين وأن لا يحشره في زمرة الأغنياء المترفهين قال القتيبي المسكنة حرف مأخوذ من السكون يقال تمسكن ، أي : تخشع وتواضع ، وقال الحافظ ابن حجر : أسرف ابن الجوزي بذكر هذا الحديث في الموضوعات وكأنه أقدم عليه لما رآه مباينا للحال التي مات عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنه كان مكفيا ، ثم نقل في توجيه الحديث عن البيهقي ما تقدم . قلت : الذي يتتبع أحاديث معيشته - صلى الله عليه وسلم - في البخاري والشمائل وجامع الترمذي وسنن المصنف وغيرها كحديث عمر في دخوله عليه - صلى الله عليه وسلم - في المشربة حين اشتهر أنه طلق الأزواج لا يستبعد حمل الحديث على ظاهره كيف وقد حمله الراوي أبو سعيد على ظاهره والعجب من قولهم إن الحديث ينافي حال الموت وقد جاء وصح أنه مات ودرعه [ ص: 531 ] مرهونة عند يهودي في قوت العيال والله أعلم بحقيقة الحال ، وفي الزوائد أبو المبارك لا يعرف اسمه وهو مجهول ويزيد بن سنان التميمي أبو فروة ضعيف والحديث صححه الحاكم وعده ابن الجوزي في الموضوعات ا هـ ، وقال السيوطي : قال الحافظ صلاح الدين بن العلاء : الحديث ضعيف السند ، لكن لا يحكم عليه بالوضع وأبو المبارك وإن قال فيه الترمذي مجهول فقد عرفه ابن حبان وذكره في الثقات ويزيد بن سنان قال فيه ابن معين ليس بشيء ، وقال البخاري : مقارب الحديث إلا أن ابنه محمد بن يزيد روى عنه مناكير ، وقال أبو حاتم : محله الصدق ولا يحتج به وباقي رواته مشهورون ، قال العلاء : إنه ينتهي بمجموع طرقه إلى درجة الصحة ، وقال الحافظ ابن حجر : قد حسنه الترمذي لأن له شاهدا ، وقال الزركشي : أساء ابن الجوزي بالحكم عليه بالوضع ، وله طريق آخر عن عطاء عن أبي سعيد أخرجه الحاكم وصححه ، وأقره الذهبي في تلخيصه وأخرجه البيهقي من تلك الطريق وله شاهد من حديث أنس أخرجه الترمذي ومن حديث عبادة بن الصامت أخرجه الطبراني والبيهقي وصححه الضياء المقدسي في المختارة ومن حديث ابن عباس أخرجه الشيرازي في الألقاب هذا خلاصة ما ذكره السيوطي في حاشية الكتاب وحاشية الترمذي .




                                                                              الخدمات العلمية