الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثانية : قوله تعالى بعضكم لبعض عدو بعضكم مبتدأ ، عدو خبره والجملة [ ص: 302 ] في موضع نصب على الحال ، والتقدير وهذه حالكم . وحذفت الواو من " وبعضكم " لأن في الكلام عائدا ، كما يقال : رأيتك السماء تمطر عليك . والعدو : خلاف الصديق ، وهو من عدا إذا ظلم . وذئب عدوان : يعدو على الناس . والعدوان : الظلم الصراح . وقيل : هو مأخوذ من المجاوزة ، من قولك : لا يعدوك هذا الأمر ، أي لا يتجاوزك . وعداه إذا جاوزه ، فسمي عدوا لمجاوزة الحد في مكروه صاحبه ، ومنه العدو بالقدم لمجاوزة الشيء ، والمعنيان متقاربان ، فإن من ظلم فقد تجاوز .

قلت : وقد حمل بعض العلماء قوله تعالى : بعضكم لبعض عدو على الإنسان نفسه ، وفيه بعد وإن كان صحيحا معنى . يدل عليه قوله عليه السلام : إن العبد إذا أصبح تقول جوارحه للسانه اتق الله فينا فإنك إذا استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا . فإن قيل : كيف قال : ( عدو ) ولم يقل : أعداء ، ففيه جوابان أحدهما : أن بعضا وكلا يخبر عنهما بالواحد على اللفظ وعلى المعنى ، وذلك في القرآن ، قال الله تعالى : وكلهم آتيه يوم القيامة فردا على اللفظ ، وقال تعالى : وكل أتوه داخرين على المعنى . والجواب الآخر : أن عدوا يفرد في موضع الجمع ، قال الله عز وجل : وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا بمعنى أعداء ، وقال تعالى : يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو . وقال ابن فارس : العدو اسم جامع للواحد والاثنين والثلاثة والتأنيث ، وقد يجمع .

التالي السابق


الخدمات العلمية