الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثالث : في صفة الغرة

                                                                                                                                                                        هي رقيق سليم من عيب ، يثبت رد المبيع ، له سن مخصوص ، فيجبر المستحق على قبولها من أي نوع كانت ؛ وسواء الذكر والأنثى ، ولا يجبر على قبول خصي وخنثى وكافر ، ولو رضي بقبول المعيب ؛ جاز ، ولا يجبر على قبول من لم يبلغ سبع سنين .

                                                                                                                                                                        وفي لفظ الشافعي رحمه الله ، لا يقبل دون سبع أو ثمان ، فقيل : معناه ما ذكرنا ، ويمكن أن المراد لا يقبل دون سن التمييز وهو سبع أو ثمان ، ويختلف باختلاف الصبيان ، ولا يقبل من ضعف بالهرم ، وخرج عن الاستقلال ، ويقبل دونه ، وقيل : لا يقبل بعد عشرين سنة ، غلاما كان أو جارية ، وقيل : لا تقبل الجارية بعد عشرين ، ولا الغلام بعد خمس عشرة ، وصحح جماعة هذا ؛ والأول أصح ، وحكوه عن النص .

                                                                                                                                                                        قلت : كذا ضبطوه على الوجه الثالث بخمس عشرة سنة وعللوه بأنه لا يدخل على النساء ، وكان ينبغي أن يضبط بالبلوغ ؛ فلا يقبل من بلغ لدون هذا السن . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وهل تتقدر قيمة الغرة ؟ وجهان ، أحدهما : الإبل إذا وجدت السلامة والسن ، وجب القبول وإن قلت قيمتها ، وأصحهما وبه قطع الجمهور : يشترط أن تبلغ قيمتها نصف عشر الدية ، وهو خمس من الإبل ، ومتى وجدت الغرة بصفاتها لم يجبر على قبول غيرها ، والاعتياض عنها كالاعتياض عن إبل الدية ، وإن لم توجد الغرة ؛ فطريقان ؛ أصحهما : على قولين ؛ أظهرهما : يجب خمس من الإبل ، والثاني : [ ص: 377 ] قيمة الغرة ، والطريق الثاني : خمس من الإبل قطعا ؛ فإذا أوجبنا الإبل ، ففقدت ؛ فهو كفقدها في الدية ؛ فعلى الجديد : تجب قيمتها ، وعلى القديم : يجب خمسون دينارا ، أو ستمائة درهم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية