الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نقضت الاتفاق ورفضت استقبال ابنه من زوجته السابقة

السؤال

قصة سؤالي، أرجو من فضيلتكم أن تسمعوها وأن تفتونا في أمرها، ولعلمي بضيق وقتكم وكثرة من يسألكم، أقدم اعتذاري أولاً لطولها، ولكن يعلم الله ـ الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء ـ أنني في أمس الحاجة لردكم، ويجب عليكم معرفة كل الظروف المحيطة حتي يمكنكم الله عز وجل من عرض الفتوي والجواب الصحيح لحالتي: فأنا شاب فلسطيني أبلغ من العمر الآن سبعة وثلاثين عاماً، قدمت إلي الولايات المتحدة الأمريكية في عامي التاسع عشر علي أساس أن لي أخا هنا تعهد بإحضاري وتعليمي بوصية من أبي الذي توفي بعد واحد وأربعين يوماً من وصولي إلى هنا بعد قهر اليهود وإجبارهم لي على مغادرة غزة الحبيبة بشروطهم، ولكن لم تشإ الأقدار بتوفيق أخي علي أن يفي بوعده لي ولأبي بتعليمي، فاتجهت للعمل وتركت الأمل في الدراسة، ومرت بضع سنوات، وكان وجودي في أمريكا يعتبر غير قانوني، ولكنني لم أستطع المغادرة بحكم شروط اليهود التي فرضت علي، ولم تكن آنذاك القوانين الأمريكية للهجرة بالصارمة، ولكن، كانوا على وشك أن ينفذوا قانوناً جديداً بطرد كل من يقيم بطريقةٍ غير قانونيةٍٍ إن لم يتمكن من تغييرها في الوقت المناسب، فلم يكن أمامي إلّا الزواج من أي امرأةٍٍ أمريكية لتغيير وضعي القانوني هنا، وكان هذا بعد وجودي هنا بست سنوات، وافقت المرأة علي الزواج، وتقديم معاملة الهجرة المطلوبة لتثبيت قانونية وجودي هنا، والمرأة مسيحية الديانة، وزواجي منها تمّ في مقر الحقوق الشخصية للزواج أمام قاضي الزواج ـ امرأةـ وبوجود شاهدتين، الأولي مسلمة والثانية مسيحية وطفلٌ دون العاشرة من العمر ولم تكن زوجتي تعلم أن السبب الرئيسي من زواجي منها هو الحصول علي أوراقي القانونيةَ للبقاء هنا، ثم مرت ثلاث سنوات، وحملت زوجتي، ووضعت لي طفلاً، ثم مرت ثلاث سنوات أخري، وقررت أن أتركها، وكان ذلك قبل حصولي علي الأوراق، لم أعد أحتمل العيش معها للعديد من الأسباب، فتركتها بعد سنتين من العيش المنفصل، قررت الزواج من زوجتي الحالية زوجة مسلمةً وعلى أتم الخلق، وكنا متفقين قبل الزواج أنها ستعينني علي تربية ابني من الزواج السابق، فطلقت زوجتي السابقة قانونياً، وتزوجت، ولكن بعد فترة قصيرة، ولم يكن ابني مقيماً معنا في كل تلك الفترة وإلي الآن وابني مقيم مع أمه، لا يعلم عن ديننا شيئا، ولا يعلم عن لغتنا شيئاً، ومرت الآن ست سنوات، ولي من زوجتي الآن ولدان وبنت، وابني بعيد عني، يبلغ من العمرعشر سنوات، وحجة امرأتي أنه ابن زنا، ولا تستطيع أن تربيه، أو تقربه من أولادنا، وأنها تكرهه، برغم أنني لم أفرضه عليها يوماً ولم أجبرها أن تقبل به أو تربيه قبل زواجنا أو بعده وأراه يضيع أمام عيني، إن لم أفعل شيئاً لإنقاذه، سيربى تربيةً غير إسلامية وسيعيش حياة الخطيئة والضلال، أهو حقاً ابن زنا؟ وإن كان، فما ذنبه؟ فالذنب ذنبي أنا، فماذا أفعل؟ أأخسر حياتي مع زوجتي وأبنائي الثلاثة لإنقاذه؟ لأنها ترفض رفضاً تاماً بلا نقاش شرعيته، أو وجوده معنا، حاولت بكل طريقة، لجأت كل ملجإٍ لإقناعها بغير فائدة، حتي اللهَ دعوته مراراً وتكراراً أن يغير من حالها، بلا نتيجة، فماذا أفعل بالله عليكم؟ ما هو الحكم الشرعي في هذا الابن؟ وما هو الحل الأمثل لقضيةٍٍ مثل هذه؟ فأين الخلاص؟ وأين العدل إذا أنا كنت الذي ظلم؟ وأي ذنبٍ اقترفه هذا الطفل؟ أهذا عقاب لي؟ إذا كان الحكم الشرعي أنه ابن زنا لا يلحق بأبيه، لا يرث ولا يورث، ولا هو محرمٌ لإخوته، وهذا حكم الله، فما علي إلا السمع والطاعة، وإن كان غير ذلك، فماذا أفعل؟ بالله عليكم أن تنظروا فيها، وتفتونا بما فتح الله به عليكم من الحكمة، ومرةً أخري جزاك الله عنا كل خير ووفقك لكل خير وتقبل منا ومنك صالح الأعمال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد

فإن زواجك بتلك المرأة لم يكن زواجاً شرعياً، والواجب عليك التوبة من ذلك، فالزواج بغير ولي ولا شهود زواج باطل، لكن ما دمتما قد اعتقدتم حل هذا الزواج فالولد الذي بينكما نسبه ثابت لك وليس ابن زنا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن نكح امرأة نكاحاً فاسداً متفقاً على فساده أومختلفاً في فساده، أوملكها ملكاً متفقاً على فساده أومختلفاً في فساده، أووطئها يعتقدها زوجته الحرة أوأمته المملوكة، فإن ولده منها يلحقه نسبه ويتوارثان باتفاق المسلمين. الفتاوى الكبرى.

وهذا الولد يلحقك في الدين، لأن الولد يلحق بخير الوالدين ديناً، والواجب عليك ضم هذا الولد إليك، ولا حق لزوجتك في الاعتراض على ذلك، فعليك أن تبين لها أن هذا الولد ولدك وليس ولد زنا، وأنها ما دامت قبلت بوجوده معكم فليس من حقها أن ترفض وجوده بعد ذلك، قال الدسوقي المالكي: حاصله أن أحد الزوجين إذا كان له ولد صغير وأراد الآخر أن يخرجه عنه من المنزل فإن له ذلك ما لم يعلم به وقت البناء، فإن علم به وأراد أن يخرجه عنه فليس له ذلك، وما ذكر من التفصيل من أنه إذا علم به عند البناء فليس له إخراجه وإلا كان له إخراجه محله إذا كان للولد حاضن أي كافل يكفله وإلا فلا امتناع لمن ليس معه الولد أن يسكن مع الولد سواء حصل البناء مع العلم به أم لا. حاشية الدسوقي.

وعليك بكثرة الدعاء مع إحسان الظن بالله، فإنه قريب مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني