الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق القانوني هل يعد طلاقا شرعيا وهل يقع إن قال له القاضي أتوافق عليه فقال نعم أوافق

السؤال

ساداتنا العلماء حفظكم الله ورعاكم وجزاكم عن الإسلام والمسلمين الخير كله، السؤال: ما هو حكم الطلاق في هذه الحالة؟ الزوج عربي مسلم والزوجة روسية مسلمة مقيمان في روسيا، ومنذ فترة وقعت عدة خلافات بينهما من بين هذه الخلافات زواج الزوج بزوجة ثانية سرا دون علم الزوجة الأولى، وبعد اشتداد الخلاف بينهما وصلت الأمور بينهما إلى طلب الزوجة وإصرارها على الطلاق من زوجها فرفض الزوج الطلاق فهددته زوجته باللجوء إلى القضاء، لأن القانون عندهم يمنع التعدد فوافق الزوج على إعطاء زوجته الطلاق القانوني الخاص بالإجراءات القانونية ورفض أن يعطيها الطلاق الشرعي وذهبوا إلى الدائرة المسؤولة وهناك تقدموا بطلب طلاق إلى القاضي المختص وبعد الموافقة على الطلب المقدم بخصوص إجراءات الطلاق كانت الصيغة التالية: القاضي للزوج هل توافق على طلاقك من زوجتك؟ أجاب الزوج نعم أوافق، القاضي للزوجة هل توافقين على طلاقك من زوجك؟ أجابت الزوجة نعم أوافق، القاضي اعلنكما مطلقان بحكم القانون، وبعد هذه الإجراءات قالت الزوجة للزوج أنا الآن مطلقة منك شرعا وقانونا وقال الزوج بل أنت مطلقة مني قانونا فقط وليس شرعا وأنت زوجتي فذهبت الزوجة إلى إمامين في مسجدين في المنطقة وسألتهما عن حكم طلاقها من زوجها هل هو شرعي وقانوني؟ أم فقط قانوني؟ فكان الجواب من الإمامين بحسب العرف المتعارف عليه في روسيا فهذا الطلاق يعتبر شرعيا وقانونيا بسبب أنه ليس هناك محاكم شرعية خاصة بالمسلمين وهكذا في روسيا يعتبرون المحاكم الروسية لها الحق في الفصل والقضاء في حالة الطلاق بين الزوجين المسلمين طلاقا شرعيا وقانونيا، والآن مازال الزوج يصر على أن زوجته غير مطلقة والزوجة تصر على أنها مطلقة، وأن هناك طرفا ثالثا احتكما إليه في فض وحل هذا المشكل بينهما لم أجد إلا سبيل: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ـ أفيدونا بحكم الشرع في هذا المشكل هل يعتبر هذاالطلاق طلاقا شرعيا وقانونيا؟ أم أنه فقط قانوني؟ وبارك الله فيكم وجعلكم نجوم الهدى وشموس المعرفة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسنجيب ـ إن شاء الله تعالى ـ على هذا السؤال في النقاط التالية:

1ـ قول الزوج: نعم أوافق ـ جوابا لسؤال القاضي: هل توافق على طلاقك من زوجتك؟ يحتمل أنه قصد الموافقة على طلاق زوجته في ذلك الوقت، وفي هذه الحالة يلزمه الطلاق، جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في معرض الكلام على إيقاع الطلاق بالمضارع: وأما إذا أراد به الحال فإنها تطلق، لأن المضارع يصح للحال والاستقبال. انتهى.

ويحتمل الوعد بالموافقة مستقبلا، وفي هذه الحالة لا يلزمه شيء، لأن الوعد هنا لا يقع به الطلاق ولا يشرع الوفاء به فضلا عن أن يكون واجبا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الوعد بالطلاق لا يقع، ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد ولا يستحب. انتهى.

2ـ قول القاضي في المحكمة الروسية: اعلنكما مطلقين بحكم القانون ـ يقتضي إنهاء الزواج من الناحية القانونية ولا يقتضي إنهاءه من الناحية الشرعية، وحكم القاضي إنما يكون له أثر إذا كان القضاء شرعيا، جاء في البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا المنعقد بكوبنهاجن: المحور السابع: مدى الاعتداد بالطلاق المدني الذي تجريه المحاكم خارج ديار الإسلام: بَيَّن القرار أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقا شرعيا فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية وذلك على يد المؤهلين في هذه القضايا من أهل العلم لإتمام الأمر من الناحية الشرعية، ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة لتوافر المراكز الإسلامية وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق. انتهى.

3ـ عدم وجود محاكم خاصة للمسلمين لا يجعل الطلاق القانوني طلاقا شرعيا، بل يتعين رفع الأمر لمركز إسلامي فهو قائم مقام المحاكم فى بلاد الكفر كما تقدم والغالب وجود مركز إسلامي في روسيا حسب علمنا فعلى الزوجين رفع أمرهما لهذا المركز لقطع النزاع بينهما هذا في حالة ما إذا كان الزوج لم يقصد تنجيز الطلاق، فإن قصد تنجيزه فهو نافذ كما سبق.

4ـ تعدد الزوجات مباح بالضوابط الشرعية بحيث تتوفر للزوج القدرة المالية والبدنية مع العدل بين الزوجتين أو الزوجات والزواج من ثانية لا ييبح للزوجة الأولى طلب الطلاق، كما سبق تفصيله فى الفتوى رقم: 118007.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني