الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثامنة قوله تعالى { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين } فيها مسألتان :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : دلت الآية على أن الشهادة لعمار المساجد بالإيمان والصلاة صحيحة ; لأن الله ربطها بها ، وأخبر عنها بملازمتها ، والنفس تطمئن بها وتسكن إليها ، وهذا في ظاهر الصلاح ليس في مقاطع الشهادات ، فلها وجوه ، وللعارفين بها أحوال ، وإنما يؤخذ كل أحد بمقدار حاله وعلى مقتضى صفته ; فمنهم الذكي الفطن المحصل لما يعلم اعتقادا وإخبارا ، ومنهم المغفل ; فكل أحد ينزل على منزلته ويقدر على صفته .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : روى بعضهم أن الآية إنما قصد بها قريش ; لأنهم كانوا يفخرون على سائر الناس [ ص: 462 ] بأنهم سكان مكة وعمار المسجد الحرام ، ويرون بذلك فضلا لهم على غيرهم ، فنفى الله ذلك عنهم شرعا وفضيلة ، لا حسا ووجودا ، وأخبر أن العمارة لبيت الله لا تكون بالكفر به ، وإنما تكون بالإيمان والعبادة وأداء الطاعة ; سمعت الشيخ الإمام فخر الإسلام أبا بكر محمد بن أحمد الشاشي يقول : كان القاضي الإمام أبو الطيب الطبري يسمي الشيخ الإمام أبا إسحاق الشيرازي إمام الشافعية وشيخ الصوفية بمدينة السلام حمامة المسجد ; لملازمته له ; لأنه لم يكن يجعل لنفسه بيتا سواه يلازم القاضي أبا الطيب ، ويواظب القراءة والتدريس حتى صار إمام الطريقتين : الفقه والتصوف .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية