الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          الباب الرابع

                          ( في المسائل المالية والعسكرية والسياسية ، وما فيها من أحكام القتال والعهود . وفيه ثلاثة فصول )

                          ( الفصل الأول في أحكام الأموال )

                          ( تقدم في سورة الأنفال أحكام الغنائم ، وما في معناها من أموال الحرب ، وفرض الخمس فيها ، ومصارفه ، وحق آل الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه ، وحكمته ، وما للأمة فيه من المصلحة ، وبيان أنواع الأموال الشرعية في الإسلام ، وأمهات مقاصدها في الدولة الإسلامية . فما في هذه السورة متمم لما قبله في الأموال ، كما أنها متممة لما فيها من أحكام القتال وشئون المنافقين والكفار .

                          والكلام في هذا الموضوع ثلاثة أقسام :

                          ( 1 ) المسائل الدينية والاجتماعية في الأموال .

                          ( 2 ) أنواع الأموال ومصارفها .

                          ( 3 ) فوائد إصلاح الإسلام المالي للبشر .

                          ( القسم الأول )

                          ( في مكان إنفاق المال من الإيمان ، والبخل به من النفاق ، وفيه عشر مسائل ) .

                          ( المسألة الأولى ) كون الزكاة المعينة أحد أركان الإسلام ، لا تقبل دعواه من الكفار بدون التزامها ، ولا تحصل أخوته الدينية إلا بأدائها ، واعتبار مانعيها من الجماعات مرتدين تجب مقاتلتهم . وفي الأفراد خلاف تقدم تحقيق الكلام فيه ، ونص ذلك في قوله تعالى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) ( 9 : 5 ) وقوله : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) ( 9 : 11 ) ويؤكد عد الزكاة كالصلاة من صفات المؤمنين الراسخة في آية ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ( 9 : 71 ) إلخ .

                          ( م 2 ) كون بذل الأموال في سبيل الله آية الإيمان الصحيح وقوام الدين ، ومن شواهده الآيتان المشار إليهما آنفا في فريضة الزكاة ، ومنها الآية ( الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله ) ( 9 : 20 ) [ ص: 98 ] إلى قوله في الآية ( إن الله عنده أجر عظيم ) ( 9 : 22 ) ومنها الوعيد الشديد لمن أمواله وتجارته وسائر حظوظه أحب إليه من الله ورسوله وجهاد في سبيله ، وهو في الآية ( 24 ) ومنها قوله تعالى في آية النفير العام ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) ( 9 : 41 ) وقوله : ( لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ) ( 9 : 44 ) ويتم معناها الآيتان بعدها ، ومنها قوله تعالى : ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا ) ( 9 : 55 ) .

                          ( م 3 ) كون البخل والامتناع عن الإنفاق في سبيل الله آية الكفر والنفاق فمن شواهده عدم قبول نفقة المنافقين ، وكون أموالهم بلاء ووبالا عليهم في الدنيا والآخرة في الآيات ( 53 و 54 و 55 ) ، ( ومنها ) لمز المنافقين للنبي - صلى الله عليه وسلم - في قسمة الصدقات للطمع في المال في الآية ( 58 ) ، ( ومنها ) وصف المنافقين بالبخل وقبض الأيدي عن الإنفاق في قوله : ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ) - إلى قوله : ( ويقبضون أيديهم ) ( 9 : 67 ) ويؤكدها ضرب المثل لهم في الآية ( 70 ) بعدها بالذين من قبلهم من المغرورين بالقوة والمال ، ووصف المؤمنين بعدها بصفات منها ( ( إيتاء الزكاة ) ) .

                          ( ومنها ) قوله تعالى : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ) ( 9 : 75 ) الآية ، والوعيد الشديد على البخل في الآيات التي بعدها ( ومنها ) لمز المنافقين للمتطوعين من المؤمنين في الصدقات في الآية ( 79 ) ومنها ( فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ) ( 9 : 81 ) الآية .

                          ( م 4 ) وصف كثير من رؤساء الدين من أهل الكتاب بأكل أموال الناس بالباطل تحذيرا من فعلتهم ، ورفعا لقدر كل مسلم أن يسف ويسفل إلى دركتهم .

                          ( م 5 ) الوعيد على كنز الأموال وعدم إنفاقها في سبيل الله في الآيتين ( ياأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ) - إلى قوله - ( فذوقوا ما كنتم تكنزون ) ( 9 : 34 و 35 ) .

                          ( م 6 ) آية ( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ) ( 9 : 98 ) وهم منافقوهم كبني أسد وغطفان ، كانوا يعطون الصدقات رياء . وخوفا لا يرجون منها نفعا بتأييد الإسلام ولا ثوابا في الآخرة لعدم إيمانهم ، فهي في نظرهم مغارم يلتزمونها ليصدقوا بما يظهرون من إسلامهم ، وهكذا شأن المنافقين في الدين وفي القومية والوطنية لا يبذلون شيئا من مالهم لأجل المصلحة العامة ، بل للرياء والسمعة ، وهو في نظرهم غرامة .

                          ( م 7 ) آية ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ) ( 9 : 99 ) [ ص: 99 ] وهم بنو أسلم وغفار وجهينة ، وحسبك شهادة الله تعالى لهم بصدق إيمانهم وحسن نيتهم في نفقاتهم ، وحكمها عام .

                          ( م 8 ) الترغيب في الصدقات بالتعبير عن قبولها والإثابة عليها بأخذ الله عز وجل لها كما في الآية ( 104 ) .

                          ( م9 ) الترغيب فيها بقوله تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) ( 9 : 111 ) الآية .

                          ( م10 ) فضل النفقة في الجهاد قلت أو كثرت ، وكون الجزاء عليها أحسن الجزاء ، وهو نص الآية ( 121 ) وتفسيرها في أول هذا الجزء .

                          ( القسم الثاني )

                          ( أنواع الأموال الشرعية وأحكامها بالإجمال ومصارفها وفيه أربع عشرة مسألة ) :

                          ( 1 ) مال الجزية . وقد بينا معناها وتاريخها وأحكامها وشروطها في تفسير آية الجزية ( 29 ) وهو في ( 248 - 249 ج 10 ط الهيئة ) .

                          ( 2 ) أنواع الصدقات الواجبة المقدرة الموقوتة ، وهي النقدان من الذهب والفضة ، والتجارة في استغلالهما ، والأنعام والزرع الذي عليه مدار الأقوات ، والركاز : وهو المدفون في الأرض يعثر عليه ، والمعدن ( راجع 423 و 439 ج 10 تفسير ) .

                          ( 3 ) سهم الفقراء والمساكين وهل هما صنفان أو صنف واحد ينقسم بالوصف إلى قسمين ؟ ( راجع ص 423 وما بعدها ج 10 ط الهيئة ) .

                          ( 4 ) سهم العاملين على الصدقات من جباة وخزنة وكتبة ( ص 426 ) .

                          ( 5 ) سهم المؤلفة قلوبهم وهم ستة أصناف ( ص 426 ) .

                          ( 6 ) سهم الرقاب : أي تحرير الرقيق بإعانته على شرائه لنفسه المعبر عنه بالكتابة ، أو شرائه من مالكه وعتقه ( ص 429 ) .

                          ( 7 ) سهم الغارمين الذين ركبتهم ديون تعذر عليهم أداؤها ، والذين يغرمون عمدا ما ينفقونه لإصلاح ذات البين ومنع الفتن الثائرة ( ص 430 ) .

                          ( 8 ) سهم الإنفاق في سبيل الله على الغزاة والمرابطين الذين لا نفقة لهم من بيت المال وما يدخل في عموم ذلك من المصالح العامة ( ص 430 - 436 ) .

                          ( 9 ) سهم ابن السبيل وهو المنقطع عن بلده في سفر لا يتيسر له فيه الوصول إلى ماله [ ص: 100 ] إن كان له مال ، فيعطى لفقره العارض ما يستعين به على إتمام سياحته والعود إلى بلده وأهله ( ص 435 ) .

                          ( 10 ) الدليل على كون عروض التجارة مما تجب فيه الزكاة ( ص 439 ) .

                          ( 11 ) توزيع الصدقات على الأصناف كلهم أو بعضهم ( ص 439 ) .

                          ( 12 ) الزكاة المطلقة والمعينة ومكانتها في الدين ، وحكم دار الإسلام ودار الكفر فيها ، والبلاد المذبذبة بين الدارين ( ص 441 ) .

                          ( 13 ) لا تعطى الزكاة للمرتدين ولا للإباحيين والملاحدة ( ص 442 ) .

                          ( 14 ) التزام أداء الزكاة كاف لإعادة مجد الإسلام ( ص 443 ) .

                          ( القسم الثالث )

                          ( في فوائد الزكاة المفروضة والصدقات وإصلاح الإسلام المالي للبشر )

                          ( وامتياز الإسلام بذلك على جميع الأديان )

                          وفيه مقدمة في منافع المال وارتباط جميع مصالح البشر الدنيوية والدينية به وشأنهم في حبه وكسبه وإنفاقه وإمساكه ، وإرشاد الدين فيه ، وكون الإسلام وسطا بين اليهودية والمادية فيه ، وغلو عباده من اليهود والإفرنج في جمعه واستغلاله ، وبين بدعة البلشفية الاشتراكية في مقاومة الشعوب والدول المالية وغلوها في ذلك وفي عدم الأديان . وتلخيص الإصلاح الإسلامي المالي في أربعة عشر أصلا ( فتراجع في أول هذا الجزء ) .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية