الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في القاذف والسارق والزاني البكر يخاف عليه الموت إذا أقيم عليه الحد

                                                                                                                                                                                        إذا وجب حد ما دون القتل كقطع لسرقة أو قصاص أو ضرب بكر في الزنى أو جلد لشرب خمر أو قذف في شدة حر أو برد وخيف عليه الموت متى أقيم عليه ذلك - أخر لوقت آخر يؤمن عليه فيه.

                                                                                                                                                                                        وإن كان من وجب عليه ذلك ضعيف الجسم يخاف عليه الموت في أي زمان يقام عليه افترق الجواب: فأما القطع عن السرقة فيسقط، ويعاقب ويسجن وإن كان القطع عن قصاص رجع فيه إلى الدية.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يكون في مال الجاني أو على العاقلة؟ وإن كان ضرب لقذف كان من حق المقذوف أن يفرق الضرب عليه وقتا بعد وقت حتى يستكمل حقه في ذلك.

                                                                                                                                                                                        وكذلك حد الزنى والشرب يفرق حتى يكمل ما وجب عليه فيه وإن اجتمع على رجل حدان: جميعا لله، أو لآدمي، أو أحدهما لله والآخر لآدمي، فإن كان فيه محمل لهما أقيما عليه، وإن كان فيه محمل لأحدهما، وهما جميعا لله عز وجل -بدئ بآكدهما كالجلد عن الزنى وشرب الخمر، فيجلد عن الزنى إلا أن يخاف عليه في المائة ولا يخاف عليه في الثمانين، وإن كان الخوف لشدة حر أو [ ص: 6217 ] برد- أقيم عليه الثمانون وأخر بالمائة، وإن كان الخوف لضعف بنية- ابتدئ بالجلد عن الزنى، وأقيم عليه منه ما يؤمن عليه معه ، ثم يستكمل وقتا بعد وقت، فإذا أكملت المائة- ضرب للشرب.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الحقان لآدمي; لأنه قطع يد هذا وقذف هذا- اقترعا أيهما يبدأ بإقامة حقه من غير مراعاة للآكد، وإن كان فيه محمل لأحدهما دون الآخر أقيم عليه الأدنى من غير قرعة، وإن كان أحدهما لله سبحانه، والآخر للآدمي- بدئ بما هو لله، إلا أن لا يكون فيه محمل، إلا لما هو لآدمي، فيقام عليه، ويؤخر ما كان لله عز وجل لوقت لا يخاف عليه، وإن كان الخوف في أي وقت أقيم عليه، وكان الحق الذي هو لله سبحانه جلد ابتدئ به متفرقا يقام عليه ما كان للآدمي. [ ص: 6218 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية