الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 140 ] ( والمسافر إذا نسي الماء في رحله فتيمم وصلى ثم ذكر الماء لم يعدها عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله . وقال أبو يوسف رحمه الله يعيدها ) والخلاف فيما إذا وضعه بنفسه أو وضعه غيره بأمره ، وذكره في الوقت وبعده سواء له أنه واجد للماء فصار كما إذا كان في رحله ثوب فنسيه ، ولأن رحل المسافر معد للماء عادة فيفترض الطلب عليه . ولهما أنه لا قدرة بدون العلم وهو المراد بالوجود ، وماء الرحل معد للشرب لا للاستعمال ، [ ص: 141 ] ومسألة الثوب على الاختلاف ، ولو كان على الاتفاق ففرض الستر يفوت لا إلى خلف ، والطهارة بالماء تفوت إلى خلف ، وهو التيمم .

التالي السابق


( قوله والمسافر إلخ ) اللام في الماء للعهد بالنسبة إلى المسافر ، إذ الخلاف فيما إذا وضعه بنفسه أو غيره بعلمه بأمره أو بغير أمره إذ بذلك يتحقق عهده به ، وقيد بالنسيان ليفيد أنه لو ذكره فوقع عنده أنه فني فلا خلاف ، بل الاتفاق على الإعادة .

لأبي يوسف مدركان الأول نسيان ماء الرحل نسيان ما لا ينسى عادة لقوة ثبات صورته في النفس بشدة تشبثها به في الأسفار لعزة الماء فيها فصار كنسيان إداوة معلقة في عنقه أو على ظهره أو مقدم إكاف مركوبه أو مؤخره وهو سائق أو بين يديه ، بخلاف ما لو كانت مقدمه وهو سائق أو مؤخره وهو راكب أو في أحدهما وهو قائد .

الثاني إلحاق الرحل بالعمران وإخبار المخبر ووجود طير ووحش بجامع وجود دليل الماء لأنه معدنه فيجب الطلب قبل التيمم ، ولذا وجبت [ ص: 141 ] الإعادة إذا صلى بثوب نجس أو عريانا أو بنجاسة حقيقية ناسيا الماء والثوب الطاهر في رحله لوجود علة اشتراط الطاهر ، فقولهما لا قدرة بدون العلم لا يفيد بعد هذا التقرير لثبوت العلم نظرا إلى الدليل اتفاقا كما قال الكل في المسائل الملحق بها ، والمفيد ليس إلا منع وجود العلة : أي لا نسلم أن الرحل دليل الماء الذي ثبوته يمنع التيمم : أعني ماء الاستعمال ، بل الشرب وهو مفقود في حق غير الشرب ، وعلى هذا يتمكن من الفرق بين مسألة الثوب والماء ، فرحل المسافر دليل الثوب لأنه معد لوضعه مع سائر أمتعته فيه لا دليل ماء الاستعمال ، فلا حاجة إلى ادعاء أن مسألة الثوب على الخلاف في الصحيح كما في الاختيار وشرح الكنز ، لكنه يشكل بمسألة الصلاة مع النجاسة فإنه قد اعتبر الرحل فيها دليل ماء الاستعمال ، والفرق بأن فرض الستر وإزالة النجاسة فات لا إلى خلف ، بخلاف الوضوء لا يثلج الخاطر عند التأمل لأن فوات الأصل إلى خلف لا يجوز الخلف مع فقد شرطه ، بل إذا فقد شرطه مع فوات الأصل يصير فاقدا للطهورين فيلزمه حكمه وهو التأخير عنده والتشبه عندهما بالمصلين ، ووافق محمد أبا حنيفة في التأخير في رواية عنه .




الخدمات العلمية