الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
253 الأصل

[ 167 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن مسلم بن أبي مريم، عن علي بن عبد الرحمن المعاوي قال: رآني ابن عمر - رضي الله عنه - وأنا أعبث بالحصى فلما انصرف نهاني وقال: اصنع كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع.

فقلت: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع؟

قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى.


التالي السابق


الشرح

مسلم: هو ابن أبي مريم المديني.

سمع: محمد بن إبراهيم بن الحارث [و] علي بن عبد الرحمن المعاوي، وأبا صالح، وعبد الرحمن بن جابر بن عبد الله.

روى عنه: مالك، والثوري، وابن عيينة.

وعلي بن عبد الرحمن: هو المعاوي الأنصاري [ ص: 361 ]

سمع: ابن عمر.

والمعاويون: بطن من الأنصار منسوب إلى معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن أوس.

والحديث صحيح مدون في الموطأ وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى، وأبو داود عن القعنبي بروايتهما عن مالك.

وقوله: وأنا أعبث بالحصى قد يوجد بدله بالحصباء أراد وأنا أعبث بالحصى جالسا لوجهين:

أحدهما: أن العبث بالحصى حينئذ يتفق لقرب اليد من الأرض.

والثاني: أن ابن عمر - رضي الله عنه - بين له ما كان يصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه جالسا.

وفي الحديث النهي عن العبث في الصلاة، وأن من رأى في صلاة غيره مكروها أو مبطلا ينبغي أن ينهاه ويعرفه الحال، وفي قوله: فلما انصرف كالإشارة إلى أنه أخر النهي والتعليم والنصيحة إلى تفرق الناس ليكون ذلك أدعى إلى الانقياد والقبول، وفيه بيان كيفية وضع اليدين في التشهد، أما اليمنى فيضعها على فخذه اليمنى ويقبض أصابعها إلا المسبحة وهذا قضية هذه الرواية، وفي رواية نافع عن ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعقد ثلاثة وخمسين، وأخرج مسلم هذه الرواية في الصحيح أيضا، وعن وائل بن حجر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حلق [ ص: 362 ] بالإبهام والوسطى ورفع التي تليها ويدعو بها في التشهد. وعن الشافعي اختلاف قول بحسب اختلاف الروايات، وذكر جماعة من الأصحاب أن السنة تتأدى من هذه الآثار بكل ما يتفق، ثم المذكور في صدر الكتاب الفخذ، وفي كثير من روايات الصحيح ذكر الركبة بدلا عن الفخذ؛ وذلك أن الأمر فيه على التقريب، واليد موضوعة على طرف الركبة والتعبير عن ذلك الموضع بالعبارتين منتظم، ويشير بالمسبحة في كلمة التهليل عند قوله: إلا الله وكذلك رواه ابن الزبير وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما اليد اليسرى فموضعها من الفخذ اليسرى كموضع اليمنى من الفخذ اليمنى وتكون أصابعها منشورة، ففي رواية نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس في الصلاة وضع يده على ركبته ورفع إصبعه التي تلي الإبهام يدعو بها، ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها.

واعلم أن ظاهر الحديث يقتضي أن يكون وضع اليدين على الفخذين في الجلوس بين السجدتين كوضعها في الجلوس للتشهد؛ لإطلاق قوله: كان إذا جلس في الصلاة، لكن الذي ذكره الأصحاب في الفقه أنه ينشر أصابعهما جميعا




الخدمات العلمية