الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ هفا ]

                                                          هفا : هفا في المشي هفوا وهفوانا : أسرع وخف فيه ، قالها في الذي يهفو بين السماء والأرض . وهفا الظبي يهفو على وجه الأرض هفوا : خف واشتد عدوه . ومر الظبي يهفو : مثل قولك : يطفو ; قال بشر يصف فرسا :


                                                          يشبه شخصها والخيل تهفو هفوا ظل فتخاء الجناح

                                                          وهوافي الإبل : ضوالها كهواميها . وروي : أن الجارود سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هوافي الإبل ، وقال قوم هوامي الإبل ; واحدتها هافية من هفا الشيء يهفو إذا ذهب . وهفا الطائر إذا طار ، والريح إذا هبت . وفي حديث عثمان - رضي الله عنه - : أنه ولى أبا غاضرة الهوافي أي الإبل الضوال . ويقال للظليم إذا عدا : قد هفا ، ويقال الألف اللينة هافية في الهواء . وهفا الطائر بجناحيه أي خفق وطار ; قال :


                                                          وهو إذا الحرب هفا عقابه     مرجم حرب تلتظي حرابه

                                                          قال ابن بري : وكذلك القلب والريح بالمطر تطرده ، والهفاء ممدود منه ; قال :


                                                          أبعد انتهاء القلب بعد هفائه     يروح علينا حب ليلى ويغتدي

                                                          وقال آخر :


                                                          أولئك ما أبقين لي من مروءتي     هفاء ولا ألبسنني ثوب لاعب

                                                          وقال آخر :


                                                          سائلة الأصداغ يهفو طاقها

                                                          والطاق : الكساء ، وأورد الأزهري هذا البيت في أثناء كلامه على وهف ; وقال آخر :


                                                          يا رب فرق بيننا يا ذا النعم     بشتوة ذات هفاء وديم

                                                          والهفوة : السقطة والزلة . وقد هفا يهفو هفوا وهفوة . والهفو : الذهاب في الهواء . وهفا الشيء في الهواء : ذهب . وهفت الصوفة في الهواء تهفو هفوا وهفوا : ذهبت ، وكذلك الثوب . ورفارف الفسطاط إذا حركته الريح قلت : يهفو وتهفو به الريح ، وهفت به الريح : حركته وذهبت به . وفي حديث علي - رضوان الله عليه - : إلى [ ص: 74 ] منابت الشيح ومهافي الريح ; جمع مهفى وهو موضع هبوبها في البراري . وفي حديث معاوية : تهفو منه الريح بجانب كأنه جناح نسر ، يعني بيتا تهب من جانبه الريح ، وهو في صغره كجناح نسر . وهفا الفؤاد : ذهب في أثر الشيء وطرب . أبو سعيد : الهفاءة خلقه تقدم الصبير ، ليست من الغيم في شيء غير أنها تستر عنك الصبير ، فإذا جاوزت بذلك الصبير وهو أعناق الغمام الساطعة في الأفق ، ثم يردف الصبير الحي ، وهو ما استكف منه ، وهو رحا السحابة ، ثم الرباب تحت الحبي ، وهو الذي يقدم الماء ، ثم روادفه بعد ذلك ; وأنشد :


                                                          ما رعدت رعدة ولا     برقت لكنها أنشأت لنا خلقه
                                                          فالماء يجري ولا نظام له     لو يجد الماء مخرجا خرقه

                                                          قال : هذه صفة غيث لم يكن بريح ولا رعد ولا برق ، ولكن كانت ديمة ، فوصف أنها أغدقت حتى جرت الأرض بغير نظام ، ونظام الماء الأودية . النضر : الأفاء القطع من الغيم ، وهي الفرق يجئن قطعا كما هي ; قال أبو منصور : الواحدة أفاءة ، ويقال هفاءة أيضا . والهفا ، مقصور : مطر يمطر ثم يكف . أبو زيد : الهفاءة ، وجمعها الهفاء ، نحو من الرهمة . العنبري : أفاء وأفاءة ; النضر : هي الهفاءة والأفاءة ، والسد والسماحيق ، والجلب والجلب . غيره : أفاء وأفاءة كأنه أبدل من الهاء همزة ، قال : والهفاء من الغلط والزلل مثله ; قال أعرابي خير امرأته فاختارت نفسها فندم :


                                                          إلى الله أشكو أن ميا تحملت بعقلي مظلوما ووليتها الأمرا     هفاء من الأمر الدني ولم أرد بها الغدر يوما فاستجازت بي الغدرا

                                                          وهفت هافية من الناس : طرأت ، وقيل : طرأت عن جدب ، والمعروف هفت هافة . ورجل هفاة : أحمق . والأهفاء : الحمقى من الناس . والهفو : الجوع . ورجل هاف : جائع . وفلان جائع يهفو فؤاده أي يخفق . والهفوة والهفوة : المر الخفيف . والهفاة : النظرة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية