الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : هذه الآية حجة قوية لمن يرى أن خبر الواحد حجة ، وقد أطنبنا في تقريره في كتاب "المحصول من الأصول" ، والذي نقوله ههنا أن كل ثلاثة فرقة . وقد أوجب الله تعالى أن يخرج من كل فرقة طائفة ، والخارج من الثلاثة يكون اثنين أو واحدا ، فوجب أن يكون الطائفة إما اثنين وإما واحدا ، ثم إنه تعالى أوجب العمل بأخبارهم ؛ لأن قوله :( ولينذروا قومهم ) عبارة عن إخبارهم . وقوله :( لعلهم يحذرون ) إيجاب على قومهم أن يعلموا بإخبارهم وذلك يقتضي أن يكون خبر الواحد أو الاثنين حجة في الشرع . قال القاضي : هذه الآية لا تدل على وجوب العمل بخبر الواحد ؛ لأن الطائفة قد تكون جماعة يقع بخبرها الحجة ، ولأن قوله :( ولينذروا قومهم ) يصح وإن لم يجب القبول كما أن الشاهد الواحد يلزمه الشهادة ، وإن لم يلزم القبول ، ولأن الإنذار يتضمن التخويف ، وهذا القدر لا يقتضي وجوب العمل به .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 181 ] والجواب : أما قوله : " الطائفة " قد تكون جماعة ، فجوابه : أنا بينا أن كل ثلاثة فرقة ، فلما أوجب الله تعالى أن يخرج من كل فرقة طائفة لزم كون الطائفة ، إما اثنين أو واحدا ، وذلك يبطل كون الطائفة جماعة يحصل العلم بخبرهم .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قالوا : إنه تعالى أوجب العمل بقول أولئك الطوائف ولعلهم بلغوا في الكثرة إلى حيث يحصل العلم بقولهم .

                                                                                                                                                                                                                                            قلنا : إنه تعالى أوجب على كل طائفة أن يرجعوا إلى قومهم وذلك يقتضي رجوع كل طائفة إلى قوم خاص ، ثم إنه تعالى أوجب العلم بقول تلك الطائفة وذلك يفيد المطلوب .

                                                                                                                                                                                                                                            وأما قوله :( ولينذروا قومهم ) يصح وإن لم يجب القبول . فنقول إنا لا نتمسك في وجوب العمل بخبر الواحد بقوله :( ولينذروا ) بل بقوله :( لعلهم يحذرون ) ترغيب منه تعالى في الحذر ، بناء على أن ذلك الإنذار يقتضي إيجاب العمل على وفق ذلك الإنذار ، وبهذا الجواب خرج الجواب عن سؤاله الثالث وهو قوله : الإنذار يتضمن التخويف ، وهذا القدر لا يقتضي وجوب العمل به .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية