الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وقال ابن عيينة ، عن علي بن زيد ، عمن حدثه عن ابن عمر ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو على درجة الكعبة : " الحمد لله الذي صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده . ألا إن قتيل العمد الخطأ بالسوط أو العصا فيه مائة من الإبل ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها . ألا إن كل مأثرة في الجاهلية ودم ومال تحت قدمي هاتين إلا ما كان من سدانة البيت وسقاية الحاج ، فقد أنضيتها لأهلها " ضعيف الإسناد .

                                                                                      وقال ابن إسحاق : حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، [ ص: 183 ] قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عام الفتح ، ثم قال : " أيها الناس ; ألا إنه لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لا يزيده إلا شدة . والمؤمنون يد على من سواهم ، يجير عليهم أدناهم ، ويرد عليهم أقصاهم ، ترد سراياهم على قعيدتهم . لا يقتل مؤمن بكافر دية الكافر نصف دية المسلم . لا جلب ولا جنب . ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم " .

                                                                                      وقال أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " منزلنا ، إن شاء الله إذا فتح الله ، الخيف ; حيث تقاسموا على الكفر " أخرجه البخاري .

                                                                                      وقال أبو الأزهر النيسابوري : حدثنا محمد بن شرحبيل الأبناوي قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرنا عبد الله بن عثمان ، أن محمد بن الأسود بن خلف ، أخبره أن أباه الأسود حضر النبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس يوم الفتح ، وجلس عند قرن مسقلة ، فجاءه الصغار والكبار والرجال والنساء فبايعوه على الإسلام والشهادة .

                                                                                      وقال يونس ، عن ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : لما كان عام الفتح ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا طوى ، قال أبو قحافة لابنة له كانت من أصغر ولده : أي بنية : أشرفي بي على أبي قبيس ، وقد كف بصره . فأشرفت به عليه . فقال : ماذا ترين ؟ قالت : أرى سوادا مجتمعا ، وأرى رجلا يشتد بين ذلك السواد مقبلا ومدبرا . فقال : تلك الخيل يا بنية ، وذلك الرجل [ ص: 184 ] الوازع ، ثم قال : ماذا ترين ؟ قالت : أرى السواد انتشر . فقال : فقد والله إذن دفعت الخيل ، فأسرعي بي إلى بيتي . فخرجت سريعا ، حتى إذا هبطت به إلى الأبطح ، لقيتها الخيل ، وفي عنقها طوق لها من ورق ، فاقتطعه إنسان من عنقها . فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ، خرج أبو بكر حتى جاء بأبيه يقوده ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هلا تركت الشيخ في بيته حتى أجيئه " ؟ فقال : يمشي هو إليك يا رسول الله أحق من أن تمشي إليه . فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره وقال : " أسلم تسلم " فأسلم . ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال : أنشد بالله والإسلام طوق أختي . فوالله ما أجابه أحد ، ثم قال الثانية ، فما أجابه أحد ، فقال : يا أخية ، احتسبي طوقك ، فوالله إن الأمانة اليوم في الناس لقليل .

                                                                                      وقال أبو الزبير ، عن جابر : أن عمر أخذ بيد أبي قحافة فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " غيروا هذا الشيب ولا تقربوه سوادا " .

                                                                                      وقال زيد بن أسلم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هنأ أبا بكر بإسلام أبيه . مرسل .

                                                                                      وقال مالك ، عن ابن شهاب : أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على عهده نساء يسلمن بأرضهن ، منهن ابنة الوليد بن المغيرة ، وكانت تحت صفوان بن أمية ، فأسلمت يوم الفتح وهرب صفوان ، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه عمير بن وهب برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان ، ودعاه إلى الإسلام ، وأن يقدم عليه ، فإن رضي أمرا قبله ، وإلا سيره شهرين . فقدم فنادى على رءوس الناس : يا محمد ، هذا عمير بن وهب جاءني بردائك وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك ، فإن رضيت أمرا قبلته ، [ ص: 185 ] وإلا سيرتني شهرين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انزل أبا وهب . فقال : لا والله ، لا أنزل حتى تبين لي . فقال : بل لك تسيير أربعة أشهر . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن ، فأرسل إلى صفوان يستعيره أداة وسلاحا . فقال صفوان : أطوعا أو كرها ؟ فقال : بل طوعا . فأعاره الأداة والسلاح . وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر ، فشهد حنينا والطائف ، وهو كافر وامرأته مسلمة ، فلم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما حتى أسلم ، واستقرت عنده بذلك النكاح ، وكان بين إسلامهما نحو من شهر .

                                                                                      وكانت أم حكيم بنت الحارث بن هشام تحت عكرمة بن أبي جهل ، فأسلمت يوم الفتح ، وهرب عكرمة حتى قدم اليمن ، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن ودعته إلى الإسلام فأسلم . وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه وثب فرحا به ، ورمى عليه رداءه حتى بايعه . فثبتا على نكاحهما ذلك .

                                                                                      وقال الواقدي : حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي ، عن أبي حصين الهذلي ، قال : استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية خمسين ألف درهم ، ومن عبد الله بن أبي ربيعة أربعين ألفا ، ومن حويطب بن عبد العزى أربعين ألفا ، فقسمها بين أصحابه من أهل الضعف . ومن ذلك المال بعث إلى جذيمة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية