الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1308 حدثنا عياش بن الوليد حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد صلى الله عليه وسلم فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة فيراهما جميعا قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره ثم رجع إلى حديث أنس قال وأما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        سادس أحاديث الباب حديث أنس وقد تقدم بهذا الإسناد في " باب خفق النعال " وعبد الأعلى المذكور فيه هو ابن عبد الأعلى السامي - بالمهملة - البصري ، وسعيد هو ابن أبي عروبة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إن العبد إذا وضع في قبره ) كذا وقع عنده مختصرا ، وأوله عند أبي داود من طريق عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد بهذا السند : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دخل نخلا لبني النجار ، فسمع صوتا ففزع فقال : من أصحاب هذه القبور ؟ قالوا : يا رسول الله ، ناس ماتوا في الجاهلية . فقال : تعوذوا بالله من عذاب القبر ومن فتنة الدجال . قالوا : وما ذاك يا رسول الله ، ؟ قال : إن العبد " فذكر الحديث ، فأفاد بيان سبب الحديث .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وإنه ليسمع قرع نعالهم ) زاد مسلم : " إذا انصرفوا " . وفي رواية له : " يأتيه ملكان " . زاد ابن حبان والترمذي من طريق سعيد المقبري ، عن أبي هريرة : أسودان أزرقان ، يقال لأحدهما : المنكر ، وللآخر النكير . وفي رواية ابن حبان : " يقال لهما منكر ونكير " . زاد الطبراني في الأوسط من طريق أخرى عن أبي هريرة : أعينهما مثل قدور النحاس ، وأنيابهما مثل صياصي البقر ، وأصواتهما مثل الرعد . ونحوه لعبد الرزاق من مرسل عمرو بن دينار وزاد : يحفران بأنيابهما ويطآن في أشعارهما ، معهما مرزبة ، لو اجتمع عليها أهل منى لم يقلوها . وأورد ابن الجوزي في " الموضوعات " حديثا فيه : إن فيهم رومان وهو كبيرهم . وذكر بعض الفقهاء أن اسم اللذين يسألان المذنب منكر ونكير ، وأن اسم اللذين يسألان المطيع مبشر وبشير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيقعدانه ) زاد في حديث البراء فتعاد روحه في جسده كما تقدم في أول أحاديث الباب ، وزاد ابن حبان من طريق أبي سلمة ، عن أبي هريرة : فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، والزكاة عن يمينه ، والصوم عن شماله ، وفعل المعروف من قبل رجليه . فيقال له : اجلس ، فيجلس ، وقد مثلت له الشمس عند الغروب . زاد ابن ماجه من حديث جابر : فيجلس فيمسح عينيه ويقول : دعوني أصلي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد ؟ ) زاد أبو داود في أوله : ما كنت تعبد ؟ فإن هداه الله قال : كنت أعبد الله . فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل " . ولأحمد من حديث عائشة [ ص: 281 ] : ما هذا الرجل الذي كان فيكم ؟ . وله من حديث أبي سعيد : فإن كان مؤمنا قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . فيقال له : صدقت . زاد أبو داود : " فلا يسأل عن شيء غيرهما " . وفي حديث أسماء بنت أبي بكر المتقدم في العلم والطهارة وغيرهما : فأما المؤمن أو الموقن فيقول : محمد رسول الله ، جاءنا بالبينات والهدى ، فأجبنا وآمنا واتبعنا . فيقال له : نم صالحا . وفي حديث أبي سعيد عند سعيد بن منصور : فيقال له : نم نومة العروس ، فيكون في أحلى نومة نامها أحد حتى يبعث . وللترمذي في حديث أبي هريرة : ويقال له : نم ، فينام نومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك . ولابن حبان ، وابن ماجه من حديث أبي هريرة ، وأحمد من حديث عائشة : ويقال له : على اليقين كنت ، وعليه مت ، وعليه تبعث إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار ) في رواية أبي داود : فيقال له : هذا بيتك كان في النار ، ولكن الله عز وجل عصمك ورحمك ، فأبدلك الله به بيتا في الجنة . فيقول : دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي ، فيقال له : اسكت . وفي حديث أبي سعيد عند أحمد : كان هذا منزلك لو كفرت بربك . ولابن ماجه من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح : فيقال له : هل رأيت الله ؟ فيقول : ما ينبغي لأحد أن يرى الله ، فتفرج له فرجة قبل النار ، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا ، فيقال له : انظر إلى ما وقاك الله . وسيأتي في أواخر الرقاق من وجه آخر عن أبي هريرة : لا يدخل أحد الجنة إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا . وذكر عكسه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال قتادة : وذكر لنا أنه يفسح له في قبره ) زاد مسلم من طريق شيبان ، عن قتادة : سبعون ذراعا ، ويملأ خضرا إلى يوم يبعثون . ولم أقف على هذه الزيادة موصولة من حديث قتادة . وفي حديث أبي سعيد من وجه آخر عند أحمد : ويفسح له في قبره . وللترمذي ، وابن حبان من حديث أبي هريرة : فيفسح له في قبره سبعين ذراعا . زاد ابن حبان : في سبعين ذراعا . وله من وجه آخر عن أبي هريرة : ويرحب له في قبره سبعون ذراعا ، وينور له كالقمر ليلة البدر . وفي حديث البراء الطويل : فينادي مناد من السماء : إن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة ، وافتحوا له بابا في الجنة ، وألبسوه من الجنة . قال فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له فيها مد بصره . زاد ابن حبان من وجه آخر عن أبي هريرة : فيزداد غبطة وسرورا ، فيعاد الجلد إلى ما بدأ منه ، وتجعل روحه في نسم طائر يعلق في شجر الجنة . [1]

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأما المنافق والكافر ) كذا في هذه الطريق بواو العطف ، وتقدم في " باب خفق النعال " بها " وأما الكافر أو المنافق " بالشك ، وفي رواية أبي داود : وأن الكافر إذا وضع . وكذا لابن حبان من حديث أبي هريرة ، وكذا في حديث البراء الطويل ، وفي حديث أبي سعيد عند أحمد : وإن كان كافرا أو منافقا . بالشك ، وله في حديث أسماء : فإن كان فاجرا أو كافرا . وفي الصحيحين من حديثها : وأما [ ص: 282 ] المنافق أو المرتاب . وفي حديث جابر عند عبد الرزاق وحديث أبي هريرة عند الترمذي : " وأما المنافق " . وفي حديث عائشة عند أحمد ، وأبي هريرة عند ابن ماجه : وأما الرجل السوء . وللطبراني من حديث أبي هريرة : وإن كان من أهل الشك . فاختلفت هذه الروايات لفظا ، وهي مجتمعة على أن كلا من الكافر والمنافق يسأل ، ففيه تعقب على من زعم أن السؤال إنما يقع على من يدعي الإيمان إن محقا وإن مبطلا ، ومستندهم في ذلك ما رواه عبد الرزاق من طريق عبيد بن عمير أحد كبار التابعين ، قال : " إنما يفتن رجلان : مؤمن ومنافق ، وأما الكافر فلا يسأل عن محمد ، ولا يعرفه " . وهذا موقوف . والأحاديث الناصة على أن الكافر يسأل مرفوعة مع كثرة طرقها الصحيحة فهي أولى بالقبول ، وجزم الترمذي الحكيم بأن الكافر يسأل ، واختلف في الطفل غير المميز ، فجزم القرطبي في التذكرة بأنه يسأل ، وهو منقول عن الحنفية ، وجزم غير واحد من الشافعية بأنه لا يسأل ، ومن ثم ، قالوا : لا يستحب أن يلقن . واختلف أيضا في النبي : هل يسأل ، وأما الملك فلا أعرف أحدا ذكره ، والذي يظهر أنه لا يسأل ، لأن السؤال يختص بمن شأنه أن يفتن ، وقد مال ابن عبد البر إلى الأول ، وقال : الآثار تدل على أن الفتنة لمن كان منسوبا إلى أهل القبلة ، وأما الكافر الجاحد فلا يسأل عن دينه . وتعقبه ابن القيم في " كتاب الروح " . وقال : في الكتاب والسنة دليل على أن السؤال للكافر والمسلم ، قال الله تعالى يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين وفي حديث أنس في البخاري : وأما المنافق والكافر . بواو العطف ، وفي حديث أبي سعيد : فإن كان مؤمنا - فذكره وفيه - وإن كان كافرا . وفي حديث البراء : وإن الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا - فذكره وفيه - فيأتيه منكر ونكير ، الحديث . أخرجه أحمد هكذا . قال : وأما قول أبي عمر : فأما الكافر الجاحد ، فليس ممن يسأل عن دينه ، فجوابه أنه نفي بلا دليل . بل في الكتاب العزيز الدلالة على أن الكافر يسأل عن دينه ، قال الله تعالى فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين وقال تعالى فوربك لنسألنهم أجمعين لكن للنافي أن يقول إن هذا السؤال يكون يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيقول : لا أدري ) في رواية أبي داود المذكورة : وإن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له : ما كنت تعبد ؟ . وفي أكثر الأحاديث : فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ . وفي حديث البراء : فيقولان له من ربك ؟ فيقول : هاه هاه ، لا أدري . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه ، لا أدري . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه ، لا أدري . وهو أتم الأحاديث سياقا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كنت أقول ما يقول الناس ) في حديث أسماء : سمعت الناس يقولون شيئا فقلته . وكذا في أكثر الأحاديث .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا دريت ولا تليت ) كذا في أكثر الروايات بمثناة مفتوحة بعدها لام مفتوحة وتحتانية ساكنة ، قال ثعلب : قوله : " تليت " أصله تلوت ، أي لا فهمت ولا قرأت القرآن ، والمعنى لا دريت ، ولا اتبعت من يدري ، وإنما قاله بالياء لمؤاخاة دريت . وقال ابن السكيت : قوله " تليت " اتباع ولا معنى لها ، وقيل : صوابه ولا ائتليت بزيادة همزتين قبل المثناة بوزن افتعلت من قولهم ما ألوت أي ما استطعت ، حكي ذلك عن الأصمعي ، وبه جزم الخطابي . وقال الفراء : أي قصرت ، كأنه قيل له : لا دريت ولا قصرت في [ ص: 283 ] طلب الدراية ، ثم أنت لا تدري . وقال الأزهري . الألو يكون بمعنى الجهد وبمعنى التقصير وبمعنى الاستطاعة . وحكى ابن قتيبة ، عن يونس بن حبيب ، أن صواب الرواية : لا دريت ولا أتليت . بزيادة ألف وتسكين المثناة ، كأنه يدعو عليه بأن لا يكون له من يتبعه ، وهو من الإتلاء ، يقال : ما أتلت إبله أي لم تلد أولادا يتبعونها . وقال : قول الأصمعي أشبه بالمعنى ، أي لا دريت ولا استطعت أن تدري . ووقع عند أحمد من حديث أبي سعيد : لا دريت ولا اهتديت . وفي مرسل عبيد بن عمير عند عبد الرزاق : لا دريت ولا أفلحت .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بمطارق من حديد ضربة ) تقدم في " باب خفق النعال " بلفظ " بمطرقة " على الإفراد ، وكذا هو في معظم الأحاديث . قال الكرماني : الجمع مؤذن بأن كل جزء من أجزاء تلك المطرقة مطرقة برأسها مبالغة ا هـ . وفي حديث البراء : لو ضرب بها جبل لصار ترابا . وفي حديث أسماء : ويسلط عليه دابة في قبره معها سوط ثمرته جمرة مثل غرب البعير تضربه ما شاء الله صماء لا تسمع صوته فترحمه . وزاد في أحاديث أبي سعيد ، وأبي هريرة وعائشة التي أشرنا إليها : ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له : هذا منزلك لو آمنت بربك ، فأما إذ كفرت فإن الله أبدلك هذا ، ويفتح له باب إلى النار . . زاد في حديث أبي هريرة : فيزداد حسرة وثبورا ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه . ، في حديث البراء : فينادي مناد من السماء : أفرشوه من النار ، وألبسوه من النار ، وافتحوا له بابا إلى النار ، فيأتيه من حرها وسمومها . .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من يليه ) قال المهلب : المراد الملائكة الذين يلون فتنته ، كذا قال ، ولا وجه لتخصيصه بالملائكة ، فقد ثبت أن البهائم تسمعه . وفي حديث البراء : يسمعه من بين المشرق والمغرب . وفي حديث أبي سعيد عند أحمد : يسمعه خلق الله كلهم غير الثقلين . وهذا يدخل فيه الحيوان والجماد ، لكن يمكن أن يخص منه الجماد . ويؤيده أن في حديث أبي هريرة عند البزار : يسمعه كل دابة إلا الثقلين . والمراد بالثقلين الإنس والجن ، قيل لهم ذلك لأنهم كالثقل على وجه الأرض . قال المهلب : الحكمة في أن الله يسمع الجن قول الميت : قدموني . ولا يسمعهم صوته إذا عذب بأن كلامه قبل الدفن متعلق بأحكام الدنيا ، وصوته إذا عذب في القبر متعلق بأحكام الآخرة ، وقد أخفى الله على المكلفين أحوال الآخرة إلا من شاء الله إبقاء عليهم كما تقدم . وقد جاء في عذاب القبر غير هذه الأحاديث : منها عن أبي هريرة ، وابن عباس ، وأبي أيوب ، وسعد ، وزيد بن أرقم وأم خالد في الصحيحين أو أحدهما ، وعن جابر عند ابن ماجه ، وأبي سعيد عند ابن مردويه ، وعمر ، وعبد الرحمن بن حسنة ، وعبد الله بن عمرو عند أبي داود ، وابن مسعود عند الطحاوي ، وأبي بكرة وأسماء بنت يزيد عند النسائي ، وأم مبشر عند ابن أبي شيبة ، وعن غيرهم .

                                                                                                                                                                                                        وفي أحاديث الباب من الفوائد : إثبات عذاب القبر ، وأنه واقع على الكفار ومن شاء الله من الموحدين . والمسألة : وهل هي واقعة على كل واحد ؟ تقدم تقرير ذلك ، وهل تختص بهذه الأمة أم وقعت على الأمم قبلها ؟ ظاهر الأحاديث الأول ، وبه جزم الحكيم الترمذي وقال : كانت الأمم قبل هذه الأمة تأتيهم الرسل ، فإن أطاعوا فذاك ، وإن أبوا اعتزلوهم وعوجلوا بالعذاب ، فلما أرسل الله محمدا رحمة للعالمين أمسك عنهم العذاب ، وقبل الإسلام ممن أظهره سواء أسر الكفر أو لا ، فلما ماتوا قيض الله لهم فتاني القبر ليستخرج سرهم بالسؤال ، وليميز الله الخبيث من الطيب ، ويثبت الله الذين آمنوا ويضل الله الظالمين . انتهى . ويؤيده حديث زيد بن ثابت مرفوعا : إن هذه الأمة تبتلى في قبورها . الحديث ، أخرجه مسلم ، ومثله عند أحمد ، عن أبي سعيد في أثناء حديث ، ويؤيده أيضا [ ص: 284 ] قول الملكين : ما تقول في هذا الرجل محمد . وحديث عائشة عند أحمد أيضا بلفظ : وأما فتنة القبر فبي تفتنون ، وعني تسألون . وجنح ابن القيم إلى الثاني ، وقال : ليس في الأحاديث ما ينفي المسألة عمن تقدم من الأمم ، وإنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بكيفية امتحانهم في القبور لا أنه نفى ذلك عن غيرهم ، قال : والذي يظهر أن كل نبي مع أمته كذلك ، فتعذب كفارهم في قبورهم بعد سؤالهم وإقامة الحجة عليهم كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة . وحكى في مسألة الأطفال احتمالا ، والظاهر أن ذلك لا يمتنع في حق المميز دون غيره . وفيه ذم التقليد في الاعتقادات لمعاقبة من قال : كنت أسمع الناس يقولون شيئا فقلته ، وفيه أن الميت يحيا في قبره للمسألة خلافا لمن رده ، واحتج بقوله تعالى : قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين الآية ، قال : فلو كان يحيا في قبره للزم أن يحيا ثلاث مرات ، ويموت ثلاثا ، وهو خلاف النص ، والجواب بأن المراد بالحياة في القبر للمسألة ليست الحياة المستقرة المعهودة في الدنيا التي تقوم فيها الروح بالبدن وتدبيره ، وتصرفه وتحتاج إلى ما يحتاج إليه الأحياء ، بل هي مجرد إعادة لفائدة الامتحان الذي وردت به الأحاديث الصحيحة ، فهي إعادة عارضة ، كما حيي خلق لكثير من الأنبياء لمسألتهم لهم عن أشياء ثم عادوا موتى . وفي حديث عائشة جواز التحديث عن أهل الكتاب بما وافق الحق .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية