الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1342 حدثنا عياش حدثنا عبد الأعلى حدثنا الجريري عن أبي العلاء عن الأحنف بن قيس قال جلست ح وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الصمد قال حدثني أبي حدثنا الجريري حدثنا أبو العلاء بن الشخير أن الأحنف بن قيس حدثهم قال جلست إلى ملإ من قريش فجاء رجل خشن الشعر والثياب والهيئة حتى قام عليهم فسلم ثم قال بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم ثم يوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتزلزل ثم ولى فجلس إلى سارية وتبعته وجلست إليه وأنا لا أدري من هو فقلت له لا أرى القوم إلا قد كرهوا الذي قلت قال إنهم لا يعقلون شيئا قال لي خليلي قال قلت من خليلك قال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أتبصر أحدا قال فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار وأنا أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسلني في حاجة له قلت نعم قال ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير وإن هؤلاء لا يعقلون إنما يجمعون الدنيا لا والله لا أسألهم دنيا ولا أستفتيهم عن دين حتى ألقى الله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا عياش ) هو ابن الوليد الرقام ، وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى ، والجريري بضم الجيم هو سعيد ، وأبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشخير . وأردف المصنف هذا الإسناد بالإسناد الذي بعده ، وإن كان أنزل منه لتصريح عبد الصمد ، وهو ابن عبد الوارث فيه بتحديث أبي العلاء ، للجريري ، والأحنف ، لأبي العلاء . وقد روى الأسود بن شيبان ، عن أبي العلاء يزيد المذكور عن أخيه مطرف ، عن أبي ذر طرفا من آخر هذا الحديث أيضا ، وأخرجه أحمد ، وليس ذلك بعلة لحديث الأحنف ، لأن حديث الأحنف أتم سياقا وأكثر فوائد ، ولا مانع أن يكون ليزيد فيه شيخان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( جلست إلى ملأ ) في رواية مسلم ، والإسماعيلي من طريق إسماعيل بن علية ، عن الجريري " قدمت المدينة ، فبينما أنا في حلقة من قريش " .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 324 ] قوله : ( خشن الشعر إلخ ) كذا للأكثر بمعجمتين من الخشونة ، وللقابسي بمهملتين من الحسن ، والأول أصح . ووقع في رواية مسلم : " أخشن الثياب أخشن الجسد أخشن الوجه ، فقام عليهم " وليعقوب بن سفيان من طريق حميد بن هلال ، عن الأحنف : " قدمت المدينة فدخلت مسجدها إذ دخل رجل آدم طوال أبيض الرأس واللحية يشبه بعضه بعضا ، فقالوا : هذا أبو ذر " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بشر الكانزين ) في رواية الإسماعيلي " بشر الكنازين " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( برضف ) بفتح الراء وسكون المعجمة بعدها فاء هي الحجارة المحماة واحدها رضفة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( نغض ) بضم النون وسكون المعجمة ، بعدها ضاد معجمة : العظم الدقيق الذي على طرف الكتف أو على الكتف ، قال الخطابي : هو الشاخص منه ، وأصل النغض الحركة ، فسمي ذلك الموضع نغضا لأنه يتحرك بحركة الإنسان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يتزلزل ) أي يضطرب ويتحرك ، في رواية الإسماعيلي : " فيتجلجل " بجيمين ، وزاد إسماعيل في هذه الرواية : فوضع القوم رءوسهم ، فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا . قال : فأدبر ، فاتبعته حتى جلس إلى سارية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأنا لا أدري من هو ) زاد مسلم من طريق خليد العصري ، عن الأحنف : " فقلت : من هذا ؟ قالوا : هذا أبو ذر ، فقمت إليه فقلت : ما شيء سمعتك تقوله ؟ قال : ما قلت إلا شيئا سمعته من نبيهم صلى الله عليه وسلم " . وفي هذه الزيادة رد لقول من قال : إنه موقوف على أبي ذر ، فلا يكون حجة على غيره . ولأحمد من طريق يزيد الباهلي ، عن الأحنف : كنت بالمدينة ، فإذا أنا برجل يفر منه الناس حين يرونه ، قلت : من أنت ؟ قال : أبو ذر . قلت : ما نفر الناس عنك ؟ قال : إني أنهاهم عن الكنوز التي كان ينهاهم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إنهم لا يعقلون شيئا ) بين وجه ذلك في آخر الحديث حيث قال : إنما يجمعون الدنيا . وقوله : " لا أسألهم دنيا " في رواية إسماعيل المذكورة : فقلت : ما لك ولإخوانك من قريش ، لا تعتريهم ولا تصيب منهم ؟ قال : وربك لا أسألهم دنيا . . . إلخ .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قلت : ومن خليلك ؟ قال : النبي صلى الله عليه وسلم ) فاعل قال هو أبو ذر ، والنبي صلى الله عليه وسلم خبر المبتدأ ، كأنه قال : خليلي النبي صلى الله عليه وسلم ، وسقط بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم أو قال : فقط ، وكأن بعض الرواة ظنها مكررة فحذفها ولا بد من إثباتها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يا أبا ذر أتبصر أحدا ) وهو حديث مستقل سيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الرقاق . وعلى ما وقع في هذه الرواية من قوله : " إلا ثلاثة دنانير " ، إن شاء الله تعالى . وإنما أورده أبو ذر ، للأحنف لتقوية ما ذهب إليه من ذم اكتناز المال ، وهو ظاهر في ذلك إلا أنه ليس على الوجوب ، ومن ثم عقبه المصنف بالترجمة التي تليه فقال :

                                                                                                                                                                                                        فقرة مكررة [ ص: 325 ] قوله : ( وإن هؤلاء لا يعقلون ) هو من كلام أبي ذر كرره تأكيدا لكلامه ، ولربط ما بعده عليه .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية