الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإذا تزوج الرجل في الشرك فأصاب امرأته ثم أسلم الزوج قبل المرأة أو المرأة قبل الزوج فسواء والنكاح موقوف على العدة فإذا أسلم المتأخر الإسلام منهما قبل أن تنقضي عدة المرأة والنكاح مما يصلح ابتداؤه في الإسلام ولم يكن فيهن من لا يصلح الجمع بينه فالنكاح ثابت ، وهكذا إن كن حرائر ما بين واحدة إلى أربع ولا يقال للزوج اختر وهن أزواجه فإن شاء أمسك وإن شاء طلق وإن مات ورثنه وإن متن ورثهن فإن قال قد فسخت نكاحهن أو نكاح واحدة منهن وقف ، فإن قال أردت إيقاع طلاق وقع عليه الطلاق وهو ما أراد من عدد الطلاق ، وإن قال عنيت أن نكاحهن كان فاسدا لم يكن طلاقا ويحلف ما كانت إرادته إحداث طلاق وإن كانت عنده أكثر من أربع فأسلم وأسلمت واحدة في العدة فقال قد اخترت حبسها ثم أسلمت أخرى فقال قد اخترت حبسها حتى يقول ذلك في أربع كان ذلك له وثبت نكاحهن باختياره لهن وكان نكاح الزوائد على الأربع منفسخا ولو قال كلما أسلمت واحدة قد اخترت فسخ نكاحها وقف فسخه فإن أسلمن معا أو لم يقل من هذا شيئا حتى أسلمن معا أو بعضهن قبل بعض غير أن كل واحدة منهن أسلمت قبل أن تنقضي عدتها خير فقيل أمسك أربعا أيتهن شئت وفارق سائرهن لأن اختيارك فسخ لمن فسخت ولم يكن لك فسخهن إلا بأن تريد طلاقا ولا عليك فسخ نكاحهن فإذا أمسك أربعا فقد انفسخ نكاح من زاد عليهن بلا طلاق لأنه يجبر على أن يفارق ما زاد على أربع فلا يكون طلاقا ما جبر عليه وإنما أثبتنا له العقد باختياره فإن السنة جعلت له الخيار في إمساك أيتهن شاء فاتبعنا السنة قال والاختيار أن يقول قد أمسكت فلانة أو قد أمسكت بعقد فلانة أو قد أثبت عقد فلانة أو ما أشبه هذا فإذا قال هذا في أربع انفسخ عقد من زاد عليهن ، ولو قال رجعت فيمن اخترت إمساكه منهن واخترت البواقي كان البواقي براء منه لا سبيل له [ ص: 57 ] عليهن إلا بنكاح جديد ووقفناه عند قوله : رجعت فيمن اخترت فإن قال أردت به طلاقا فهو طلاق وهو ما أراد من عدد الطلاق وإن قال لم أرد به طلاقا أردت أني رأيت الخيار لي أو غير ذلك حلف ما أراد به طلاقا ولم يكن طلاقا ( قال الشافعي ) وعلى اللاتي فسخ نكاحهن باختيار غيرهن عدة مستقبلة من يوم انفسخ نكاحهن لأنهن مدخول بهن انفسخ نكاحهن ، وإن قال ما أردت بقولي قد أثبت عقد فلانة واللاتي قال ذلك لهن معا أو اخترت فلانة أو ما قاله مما يشبه هذا الكلام إثبات عقدهن دون البواقي انفسخ عقد البواقي في الحكم ولم يدن فيه ويثبت عقد اللواتي أظهر اختيارهن ووسعه إصابتهن لأن نكاحهن ثابت لا يزول إلا بأن يفسخه وهو لم يفسخه إنما يفسخه اختيار غيرهن وهو لم يختر غيرهن ، وأحب إلي أن يحدث لهن اختيارا فيكون ذلك فسخا للبواقي اللاتي فسخ عقدهن في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله عز وجل فيسعه حبس اللاتي فسخناهن عليه بأن يحدث لهن اختيارا أو يفسخ فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى نكاح اللاتي حكمنا له بهن ( قال الشافعي ) والحكم كما وصفت فلو اختار أربعا ثم قال لم أرد اختيارهن وقد اخترت الأربع البواقي ألزمناه الأربع اللاتي اختار أولا وجعلنا اختياره الآخر باطلا كما لو نكح امرأة فقال ما أردت بنكاحها عقد نكاح ألزمناه إياه لأنه الظاهر من قوله وهو أبين أنه له حلال من المرأة يبتدئ نكاحها لأن نكاحهن ثابت إلا بأن يفسخه وهو لم يفسخه

التالي السابق


الخدمات العلمية