الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3183 حدثني أحمد بن سعيد أبو عبد الله حدثنا وهب بن جرير عن أبيه عن أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يرحم الله أم إسماعيل لولا أنها عجلت لكان زمزم عينا معينا قال الأنصاري حدثنا ابن جريج قال أما كثير بن كثير فحدثني قال إني وعثمان بن أبي سليمان جلوس مع سعيد بن جبير فقال ما هكذا حدثني ابن عباس ولكنه قال أقبل إبراهيم بإسماعيل وأمه عليهم السلام وهي ترضعه معها شنة لم يرفعه ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الأولى قوله : ( عن عبد الله بن سعيد بن جبير ) وقع في رواية ابن السكن والإسماعيلي من طريق حجاج بن الشاعر عن وهب بن جرير زيادة " أبي بن كعب " ، ورواه النسائي ، عن أحمد بن سعيد شيخ البخاري بإسقاط عبد الله بن سعيد بن جبير وزيادة أبي بن كعب ، قال النسائي : قال أحمد بن سعيد قال وهب وحدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه ولم يذكر أبي بن كعب ، فوضح أن وهب بن جرير كان إذا رواه عن أبيه لم يذكر عبد الله بن سعيد ، وذكر أبي بن كعب ، وإذا رواه عن حماد بن زيد [ ص: 460 ] ذكر عبد الله بن سعيد ولم يذكر أبي بن كعب . وفي رواية النسائي أيضا " قال وهب بن جرير أتيت سلام بن أبي مطيع فحدثته بهذا عن حماد بن زيد فأنكره إنكارا شديدا ثم قال لي : فأبوك ما يقول قلت : يقول عن أيوب عن سعيد بن جبير ، فقال : قد غلط ، إنما هو أيوب عن عكرمة بن خالد " انتهى . وليس ببعيد أن يكون لأيوب فيه عدة طرق ، فإن إسماعيل بن علية من كبار الحفاظ وقد قال فيه : " عن أيوب نبئت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " ولم يذكر أبيا ، وهو مما يؤيد رواية البخاري ، أخرجه الإسماعيلي من وجهين عن إسماعيل أحدهما هكذا والآخر قال فيه : " عن أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير " وقد رواه معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير بلا واسطة كما أخرجه البخاري كما ترى ، وقد عاب الإسماعيلي على البخاري إخراجه رواية أيوب لاضطرابها ، والذي يظهر أن اعتماد البخاري في سياق الحديث إنما هو على رواية معمر عن كثير بن كثير عن سعيد بن جبير ، وإن كان أخرجه مقرونا بأيوب فرواية أيوب إما عن سعيد بن جبير بلا واسطة أو بواسطة ولده عبد الله . ولا يستلزم ذلك قدحا لثقة الجميع ، فظهر أنه اختلاف لا يضر لأنه يدور على ثقات حفاظ : إن كان بإثباتعبد الله بن سعيد بن جبير وأبي بن كعب فلا كلام ، وإن كان بإسقاطهما فأيوب قد سمع من سعيد بن جبير ، وأما ابن عباس فإن كان لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فهو من مرسل الصحابة ولم يعتمد البخاري على هذا الإسناد الخالص كما ترى . وقد سبق إلى الاعتذار عن البخاري ورد كلام الإسماعيلي بنحو هذا الحافظ أبو علي الجياني في " تقييد المهمل " .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : ( وقال الأنصاري حدثنا ابن جريج قال أما كثير بن كثير فحدثني قال إني وعثمان بن أبي سليمان جلوس مع سعيد بن جبير فقال : ما هكذا حدثني ابن عباس ، ولكنه قال : أقبل إبراهيم بإسماعيل وأمه عليهم السلام وهي ترضعه معها شنة ، لم يرفعه ) انتهى ، هكذا ساقه مختصرا معلقا ، وقد وصله أبو نعيم في " المستخرج " عن فاروق الخطابي عن عبد العزيز بن معاوية عن الأنصاري وهو محمد بن عبد الله ، لكنه أورده مختصرا أيضا ، وكذلك أخرجه عمر بن شبة في " كتاب مكة " عن محمد بن عبد الله الأنصاري وزاد في روايته " إني وعثمان وعمر بن أبي سليمان وعثمان بن حبشي جلوس مع سعيد بن جبير " فكأنه كان عند الأنصاري كذلك . وقد رواه الأزرقي من طريق مسلم بن خالد الزنجي والفاكهي من طريق محمد بن جعشم كلاهما عن ابن جريج عن كثير قال : كنت أنا وعثمان بن أبي سليمان وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين في أناس مع سعيد بن جبير بأعلى المسجد ليلا فقال سعيد بن جبير : سلوني قبل ألا تروني ، فسأله القوم فأكثروا ، فكان مما سئل عنه أن قال رجل : أحق ما سمعنا في المقام مقام إبراهيم أن إبراهيم حين جاء من الشام حلف لامرأته أن لا ينزل بمكة حتى يرجع فقربت في هامش طبعة بولاق : في نسخة " فقدمت " إليه امرأة إسماعيل المقام فوضع رجله عليه لا ينزل ، فقال سعيد بن جبير : ليس هكذا حدثنا ابن عباس ولكن " فساق الحديث بطوله . وأخرجه الفاكهي عن ابن أبي عمر عن عبد الرزاق بلفظ " فقال : يا معشر الشباب سلوني ، فإني قد أوشكت أن أذهب من بين أظهركم . فأكثر الناس مسألته ، فقال له رجل : أصلحك الله أرأيت هذا المقام هو كما كنا نتحدث قال : وما كنت تتحدث ؟ قال : كنا نقول إن إبراهيم حين جاء عرضت عليه امرأة إسماعيل النزول فأبى أن ينزل فجاءته [ ص: 461 ] بذا الحجر فوضعته له ، فقال : ليس كذلك " وهكذا أخرجه الإسماعيلي من طرق عن معمر .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية