الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2701 حدثني إسحاق بن إبراهيم سمع يحيى بن آدم حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ رضي الله عنه قال كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير فقال يا معاذ هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله قلت الله ورسوله أعلم قال فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا فقلت يا رسول الله أفلا أبشر به الناس قال لا تبشرهم فيتكلوا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الثالث حديث معاذ بن جبل

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عمرو بن ميمون ) هو الأودي بفتح الهمزة وسكون الواو من كبار التابعين ، وسيأتي أنه أدرك الجاهلية في أخبار الجاهلية . وأبو إسحاق ) الراوي عنه هو السبيعي . والإسناد كله كوفيون إلا الصحابي ، وأبو الأحوص ) شيخ يحيى بن آدم فيه كنت أظن أنه سلام بالتشديد وهو ابن سليم وعلى ذلك يدل كلام المزي ، لكن أخرج هذا الحديث النسائي عن محمد بن عبد الله بن المبارك المخزومي عن يحيى بن آدم شيخ شيخ البخاري فيه فقال " عن عمار بن زريق عن أبي إسحاق ، " والبخاري أخرجه ليحيى بن آدم عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق ، وكنية عمار بن زريق أبو الأحوص فهو هو ، ولم أر من نبه على ذلك . وقد أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبو داود عن هناد بن السري كلاهما عن أبي الأحوص ، عن أبي إسحاق ، وأبو الأحوص هذا هو سلام بن سليم فإن أبا بكر ، وهنادا أدركاه ولم يدركا عمارا والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير ) بالمهملة والفاء مصغر مأخوذ من العفر وهو لون التراب كأنه سمي بذلك للونه والعفرة حمرة يخالطها بياض ، وهو تصغير أعفر أخرجوه عن بناء أصله كما قالوا سويد في تصغير أسود ، ووهم من ضبطه بالغين المعجمة وهو غير الحمار الآخر الذي يقال له يعفور ، وزعم ابن عبدوس أنهما واحد وقواه صاحب الهدي ، ورده الدمياطي فقال : عفير أهداه المقوقس ويعفور أهداه فروة بن عمرو وقيل بالعكس . ويعفور بسكون المهملة وضم الفاء هو اسم ولد الظبي كأنه سمي بذلك لسرعته . قال الواقدي : نفق يعفور منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع وبه جزم النووي عن ابن الصلاح ، وقيل طرح نفسه في بئر يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقع ذلك في حديث طويل ذكره ابن حبان في ترجمة محمد بن مرثد في الضعفاء ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم غنمه من خيبر ، وأنه كلم النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له أنه كان ليهودي وأنه خرج من جده ستون حمارا لركوب الأنبياء فقال : ولم يبق منهم غيري وأنت خاتم الأنبياء ، فسماه يعفورا . وكان يركبه في حاجته ويرسله إلى الرجل فيقرع بابه برأسه فيعرف أنه أرسل إليه ، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى بئر أبي الهيثم بن التيهان فتردى فيها فصارت قبره ، قال ابن حبان : لا أصل له وليس سنده بشيء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن تعبدوه ولا تشركوا ) في رواية الكشميهني " أن تعبدوا " بحذف المفعول .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيتكلوا ) بتشديد المثناة وفي رواية الكشميهني بسكون النون ، وقد تقدم شرح ذلك في أواخر كتاب العلم ، وسيأتي هذا الحديث في الرقاق من طريق أنس بن مالك عن معاذ ولم يسم فيه الحمار ، [ ص: 71 ] ونستكمل بقية الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى . وتقدم في العلم من حديث أنس بن مالك أيضا لكن فيما يتعلق بشهادة أن لا إله إلا الله ، وهذا فيما يتعلق بحق الله على العباد فهما حديثان ، ووهم الحميدي ومن تبعه حيث جعلوهما حديثا واحدا . نعم وقع في كل منهما منعه صلى الله عليه وسلم أن يخبر بذلك الناس لئلا يتكلموا ، ولا يلزم من ذلك أن يكونا حديثا واحدا . وزاد في الحديث الذي في العلم " فأخبر بها معاذا عند موته تأثما " ولم يقع ذلك هنا والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية