الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 273 ] قال : ( ولا يصح الرهن إلا بدين مضمون ) لأن حكمه ثبوت يد الاستيفاء والاستيفاء يتلو الوجوب ، قال رضي الله عنه : ويدخل على هذا اللفظ الرهن بالأعيان المضمونة بأنفسها فإنه يصح الرهن بها ولا دين ، ويمكن أن يقال إن الواجب الأصلي فيها هو القيمة ورد العين مخلص على ما عليه أكثر المشايخ وهو دين ولهذا تصح الكفالة بها ، ولئن كان لا يجب إلا بعد الهلاك ولكنه يجب عند الهلاك بالقبض السابق ، ولهذا تعتبر قيمته يوم القبض فيكون رهنا بعد وجود سبب وجوبه فيصح كما في الكفالة ، ولهذا لا تبطل الحوالة المقيدة به بهلاكه بخلاف الوديعة . قال : ( وهو مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين فإذا هلك في يد المرتهن وقيمته والدين سواء صار المرتهن مستوفيا لدينه وإن كانت قيمة الرهن أكثر فالفضل أمانة في يده ) ولأن المضمون بقدر ما يقع به الاستيفاء وذلك بقدر الدين ( فإن كانت أقل سقط من الدين بقدره ورجع المرتهن بالفضل ) لأن الاستيفاء بقدر المالية . وقال زفر رحمه الله : الرهن مضمون بالقيمة حتى لو هلك الرهن وقيمته يوم الرهن ألف وخمسمائة والدين ألف رجع الراهن على المرتهن بخمسمائة ، له حديث علي رضي الله عنه قال : يترادان الفضل في الرهن ولأن الزيادة على الدين مرهونة لكونها محبوسة به ، فتكون مضمونة اعتبارا بقدر الدين . [ ص: 274 ] ومذهبنا مروي عن عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم ، ولأن يد المرتهن يد الاستيفاء ، فلا توجب الضمان إلا بالقدر المستوفى كما في حقيقة الاستيفاء والزيادة مرهونة به ضرورة امتناع حبس الأصل بدونها ولا ضرورة في حق الضمان ، والمراد بالتراد فيما يروى حالة البيع فإنه روي عنه أنه قال : المرتهن أمين في الفضل .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قلت : قوله : عن علي رضي الله عنه أنه قال : يترادان الفضل في الرهن ; قلت : رواه عبد الرزاق في " مصنفه في أثناء البيوع " أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن الحكم عن علي قال : يترادان الفضل بينهما في الرهن انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي شيبة حدثنا وكيع ثنا سفيان به ; وأخرجه البيهقي عن خلاس عن علي ، قال : إذا كان في الرهن فضل ، فإن أصابته جائحة ، فالرهن بما فيه ، فإن لم تصبه جائحة ، فإنه يرد الفضل ، قال البيهقي : وما رواه خلاس عن علي أخذه من صحيفة ، قال ابن معين ، وغيره من الحفاظ : وأخرجه أيضا عن الحارث عن علي ، قال : إذا كان الرهن أفضل من القرض ، أو كان القرض ، أفضل من الرهن ، ثم هلك يترادان الفضل ; وأخرجه أيضا [ ص: 274 ] عن ابن الحنفية عنه ، قال : إذا كان الرهن أقل رد الفضل ، وإن كان أكثر فهو بما فيه . قوله : ومذهبنا روي عن ابن مسعود ، وعمر ; قلت : أخرج البيهقي عن عمر ، [ ص: 275 ] قال في الرجل يرتهن الرهن ، فيضيع ، قال : إن كان أقل مما فيه رد عليه تمام حقه ، وإن [ ص: 276 ] كان أكثر ، فهو أمين ; وروى ابن أبي شيبة ، والطحاوي عنه ، قال : إذا كان الرهن [ ص: 277 ] بأكثر مما رهن به ، فهو أمين في الفضل ، وإذا كان بأقل رد عليه ، ورواه البيهقي ; وقال : هذا ليس بمشهور عن عمر ; والرواية عن ابن مسعود غريب . [ ص: 278 ] قوله : وعن علي رضي الله عنه أنه قال : المرتهن أمين في الفضل ; قلت : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع عن علي بن صالح عن عبد الأعلى بن عامر عن محمد بن الحنفية عن علي قال : إذ كان الرهن أكثر مما رهن به فهلك ، فهو بما فيه ، لأنه أمين في الفضل ، وإذا كان أقل مما رهن به فهلك ، رد الراهن الفضل ، انتهى .

                                                                                                        وأخرج نحوه عن عمر حدثنا أبو عاصم عن عمران القطان عن مطر عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر ، قال : إذا كان الرهن أكثر مما رهن به فهو أمين في الفضل ، وإذا كان أقل رد عليه انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية