الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وإن حابى ثم أعتق وضاق الثلث عنهما فالمحاباة أولى عند أبي حنيفة رحمه الله ، وإن أعتق ثم حابى فهما سواء ، وقالا : العتق أولى في المسألتين ) والأصل فيه أن الوصايا إذا لم يكن فيها ما جاوز الثلث فكل من أصحابها يضرب بجميع وصيته في الثلث لا يقدم البعض على البعض إلا العتق الموقع في المرض ، والعتق المعلق بموت الموصي كالتدبير الصحيح ، والمحاباة في البيع إذا وقعت في المرض ، لأن الوصايا قد تساوت والتساوي في سبب الاستحقاق يوجب التساوي في نفس الاستحقاق ، وإنما قدم العتق الذي ذكرناه آنفا لأنه أقوى ، فإنه لا يلحقه الفسخ من جهة الموصي وغيره يلحقه ، وكذلك المحاباة لا يلحقها الفسخ من جهة الموصي ، وإذا تقدم ذلك فما بقي من الثلث بعد ذلك يستوي فيه من سواهما من أهل الوصايا ، ولا يقدم البعض على البعض . لهما في الخلافية أن العتق أقوى لأنه لا يلحقه الفسخ والمحاباة يلحقها ، ولا معتبر بالتقديم في الذكر لأنه لا يوجب التقدم في الثبوت . وله أن المحاباة أقوى لأنها تثبت في ضمن عقد المعاوضة ، فكان تبرعا بمعناه لا بصيغته ، والإعتاق تبرع صيغة ومعنى ، فإذا وجدت المحاباة أولا دفع الأضعف ، وإذا وجد العتق أولا وثبت وهو لا يحتمل الدفع كان من ضرورته المزاحمة ، وعلى هذا قال أبو حنيفة رحمه الله : إذا حابى ثم أعتق ثم حابى قسم الثلث بين [ ص: 518 ] المحاباتين نصفين لتساويهما ، ثم ما أصاب المحاباة الأخيرة قسم بينها ، وبين العتق ، لأن العتق مقدم عليها فيستويان ، ولو أعتق ثم حابى ثم أعتق قسم الثلث بين العتق الأول والمحاباة نصفين وما أصاب العتق قسم بينه وبين العتق الثاني ، وعندهما العتق أولى بكل حال .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية