الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
16067 7073 - (16502) - (4\46) عن عكرمة بن عمار ، حدثنا إياس بن سلمة ، قال : حدثني أبي قال : خرجنا مع أبي بكر بن أبي قحافة أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ، قال : غزونا فزارة فلما دنونا من الماء أمرنا أبو بكر فعرسنا ، قال : فلما صلينا الصبح أمرنا أبو بكر فشنينا الغارة ، فقتلنا على الماء من قتلنا ، قال سلمة : ثم نظرت إلى عنق من الناس فيه الذرية والنساء نحو الجبل ، وأنا أعدو في آثارهم ، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل ، فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل ، قال : فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر رضي الله عنه ، حتى أتيته على الماء وفيهم امرأة من فزارة ، عليها قشع من أدم ومعها ابنة لها من أحسن العرب ، قال : فنفلني أبو بكر ابنتها ، قال : فما كشفت لها ثوبا حتى قدمت المدينة ، ثم بت فلم أكشف لها ثوبا ، قال : فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال لي : " يا سلمة ، هب لي المرأة " ، قال : فقلت : يا رسول الله ، والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا ، قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال : " ياسلمة ، هب لي المرأة لله أبوك " ، قال : قلت : يا رسول الله ، والله أعجبتني ما كشفت لها ثوبا وهي لك يا رسول الله ، قال : فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة وفي أيديهم أسارى من المسلمين ففداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة .

[ ص: 375 ]

التالي السابق


[ ص: 375 ] * قوله : "أمره" : - بتشديد الميم - .

* "فعرسنا" : من التعريس ، وهو نزول المسافر آخر الليل .

* "فشنينا" : أي : فرقنا النهب عليهم من جميع الجهات ، والياء فيه مقلوبة من النون .

* "عنق" : بضمتين - : جماعة من الناس .

* "قشع" : بكسر القاف وفتحها وسكون الشين - ; أي : جلد يابس .

* "من أدم" : بفتحتين - ; أي : جلد .

* "فنفلني" : - بتشديد الفاء - ; أي : أعطاني زيادة على السهم .

* "فما كشفت" : كناية عن عدم الجماع .

* "لله أبوك" : قال أبو البقاء : هو في حكم القسم ، انتهى ، وتحقيقه أن النسبة إلى الله تعالى تعظيم للشيء ، فالمعنى : إن أباك عظيم حيث أتى بولد مثلك ، فرجع في الحقيقة إلى مدح الولد .

* * *




الخدمات العلمية