الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الغرامات المالية التي تفرضها الجمارك

السؤال

أنا أعمل في الجمارك مع العلم بأن الرسوم الجمركية والضرائب هي موارد أساسية لخزينة الدولة لكي تتمكن من تنفيذ المشاريع وبناء المستشفيات والمدارس حيث إن الدولة فقيرة وليس لها موارد أخرى وتقوم الجمارك بتوزيع مكافآت على الموظفين من أموال يتم الحصول عليها نتيجة إيقاع غرامات مالية على أشخاص قاموا بتهريب بضائع أو تزوير وثائق لإدخال البضائع إلى الدولة فهل هذه المكافآت حرام (وفي حال اعتبرت حراما فهل يجوز أن يحتفظ الشخص بها كمعين له في عيشه حيث إنه في جميع الأحوال ستقوم الحكومة بأخذها وفي ظل وجود فساد في الحكومة سيتم اختلاس هذه الأموال من خزينة الدولة ويحصل عليها من لا يستحقها) وهل إذا كانت حلالا وكان هناك جزء من هذه المكافآت تم الحصول عليه من خلال قيام عدد من موظفي الجمارك بظلم شخص وإيقاع غرامات مالية بدون وجه حق (مع العلم بأن من يحصل على المكافأة ليس له علاقة بإيقاع هذا الظلم ولا يمكن تحديد نسبة هذه الأموال من كامل المكافأة)، وهل يجوز أخذ بضائع قام صاحبها بتركها لفترة طويلة لدى الجمارك ولم يقم بالمطالبة بها أو إعطائها لمحتاجين، مع العلم بأن مصير مثل هذه البضائع سيكون سلة المهملات في النهاية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ريب أن واقع التحصيل الجمركي في أغلب البلدان -إن لم نقل في كلها- هو أنه أخذ لأموال الناس على غير الوجه الشرعي، وما دام الأمر كذلك فلا يجوز العمل به لما يترتب على ذلك من الإعانة على المنكر، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، كما أن التعزير بالمال محرم، وهذا قول جماهير العلماء... لأن مال المسلم مال محترم لا يجوز أخذه دون وجه حق، لقوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}، وقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. رواه البخاري ومسلم.

قال السندي في حاشيته على سنن النسائي وسنن ابن ماجه: غالب العلماء على نسخ التعزير بالمال. انتهى. وخالف في ذلك بعض أهل العلم منهم ابن تيمية وابن القيم فقالا: إن التعزير بالمال سائغ إتلافاً وأخذاً.

فالذي ننصحك به هو ترك العمل بالجمارك والبحث عن عمل آخر، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، أما حكم هذه المكافآت فإنه لا يجوز أخذها ولا الانتفاع بها، لكن إن كانت لن ترد لأصحابها ويخشى أن يستولي عليها بعض الظلمة فتؤخذ ويتصدق بها عن أصحابها إن لم يمكن ردها إليهم،.

وأما البضائع التي يقوم صاحبها بتركها ولا يطالب بها ويخشى عليها من التلف أو الضياع فلا حرج عليك في أخذها وإعطائها للمحتاجين.

وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 531، 5811، 7489، 27254، 34484، 50557، 112070.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني