الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زراعة أعضاء الخنزير في جسم الإنسان.. رؤية شرعية

السؤال

حدث نقاش بيني وبين شخص عن حكم زراعة أعضاء الخنزير في جسم الإنسان، فلم يقتنع بحرمته، ونجاسته، وأنه يجوز بشرط الضرورة، وعدم وجود بديل طاهر.. فما حكم ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الخنزير نجس عند الجمهور، وقد استدل بعضهم لذلك بقوله تعالى: قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {الأنعام:145}.

قال السيوطي في الإكليل في استنباط التنزيل -ص: 123: واستدل الشافعية بقوله: فَإِنَّهُ رِجْسٌ- على نجاسة الخنزير، بناء على عود الضمير على خنزير، لا على لحم، فإنه أقرب مذكور. اهـ.

وقال النووي في المجموع: نقل ابن المنذر في كتاب الإجماع: إجماع العلماء على نجاسة الخنزير، وهو أولى ما يحتج به لو ثبت الإجماع، ولكن مذهب مالك طهارة الخنزير ما دام حيا.... انتهى.

وأما عن حكم زراعة أعضاء الخنزير في جسم الإنسان، فإن الأصل عدم جواز التداوي بما هو محرم، فإن لم يجد المريض إلا عضو حيوان نجس، ولا يجد ما يقوم مقامه من الطاهر، وقد دعت الضرورة، أو الحاجة إلى ذلك، فلا حرج في زراعته، فقد قال الله تعالى: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه {البقرة:173}.

وقال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}.

وفي القاعدة الفقهية المعروفة: الضرورات تبيح المحظورات.

وقال النووي -رحمه الله- في المجموع شرح المهذب -3/ 138: إذا انكسر عظمه فينبغي أن يجبره بعظم طاهر، قال أصحابنا: ولا يجوز أن يجبره بنجس مع قدرته على طاهر يقوم مقامه، فإن جبره نُظر، إن كان محتاجاً إلى الجبر، ولم يجد طاهراً يقوم مقامه، فهو معذور، وإن لم يحتج إليه، ووجد طاهراً يقوم مقامه أثم، ووجب نزعه إن لم يخف منه تلف نفسه، ولا تلف عضو. اهـ.

وقد ذهب عدد من الفقهاء المعاصرين إلى جواز التداوي بأعضاء الحيوان، عند الضرورة، وقال بعضهم بجواز زرع الأعضاء من الكلب، والخنزير، وممن ذهب إلى الجواز القرضاوي، حيث يقول: إن الذي حرم من الخنزير إنما هو أكل لحمه، كما ذكر القرآن الكريم في: 4 آيات، وزرع جزء منه في الجسم ليس أكلا له، إنما هو انتفاع به، وقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم الانتفاع ببعض الميتة -وهو جلدها- والميتة مقرونة في التحريم بلحم الخنزير في القرآن: إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنـزير وما أهل به لغير الله {البقرة:173} فإذا شرع الانتفاع بها في غير الأكل، اتجه القول إلى شرعية الانتفاع بالخنزير في غير الأكل أيضا.

وللفائدة انظر الفتوى: 8494.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني