الأعمال التي تنفع الميت

7 1417

من المتفق عليه : أن الميت ينتفع بما كان سببا فيه من أعمال البر في حياته ، لما رواه مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
[ إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ] وروى ابن ماجه عنه : أنه صلى الله عليه وسلم قال:
[ إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته ، علما علمه ونشره ، أو ولدا صالحا تركه أو مصحفا ورثه . أو مسجدا بناه ، أو بيتا بناه لابن السبيل أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه من بعد موته ] .
وروى مسلم عن جرير بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
[ من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ، ووزر من يعمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ] .
أما ما ينتفع به من أعمال البر الصادرة عن غيره فبيانها فيما يلي :
1. الدعاء والاستغفار له ، وهذا مجمع عليه لقول الله تعالى : ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون : ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ، ربنا إنك رؤوف رحيم ) ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم [ إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء ] وحفظ من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ اللهم اغفر لحينا وميتنا ] ولا زال السلف والخلف يدعون للأموات ويسألون لهم الرحمة والغفران دون إنكار من أحد.
2. الصدقة : وقد حكى النووي الإجماع على أنها تقع عن الميت ويصله ثوابها سواء كانت من ولد أو غيره ، لما رواه أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة : أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أبي مات وترك مالا ولم يوص ، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال : "نعم" .
وعن الحسن عن سعد بن عبادة . أن أمه ماتت. فقال: يا رسول الله : إن أمي ماتت أفأتصدق عنها ؟ قال : "نعم". قلت : فأي الصدقة أفضل ؟ قال : "سقي الماء" قال الحسن : فتلك سقاية آل سعد بالمدينة . رواه أحمد والنسائي وغيرهما .
ولا يشرع إخراجها عند المقابر ، ويكره إخراجها مع الجنازة .
3. الصوم : لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال : [ لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ] ؟ قال : نعم. قال :    [ فدين الله أحق أن يقضى ] .
4. الحج : لما رواه البخاري عن ابن عباس : أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ قال : [ حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا فالله أحق بالقضاء ] .
5. قراءة القرآن : وهذا رأي الجمهور من أهل السنة.
قال النووي : المشهور من مذهب الشافعي : أنه لا يصل.
وذهب أحمد بن حنبل وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أنه يصل ، فالاختيار أن يقول القارئ بعد فراغه : اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان .
وفي المغني لابن قدامة : قال أحمد بن حنبل : الميت يصل إليه كل شيء من الخير، للنصوص الواردة فيه ، ولأن المسلمين يجتمعون في كل مصر ويقرؤون ويهدون لموتاهم من غير نكير، فكان إجماعا.
والقائلون بوصول ثواب القراءة إلىالميت ، يشترطون ألا يأخذ القارئ على قراءته أجرا. فإن أخذ القارئ أجرا على قراءته حرم على المعطي والآخذ ولا ثواب له على قراءته ، لما رواه أحمد والطبراني والبيهقي عن عبد الرحمن بن شبل : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ اقرؤوا القرآن ، واعملوا … ولا تجفوا عنه ولا تغفلوا فيه ، ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به ] .
قال ابن القيم : والعبادات قسمان : مالية وبدنية ، وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصدقة على وصول سائر العبادات المالية ، ونبه بوصول ثواب الصوم على وصول سائر العبادات البدنية وأخبر بوصول ثواب الحج المركب من المالية والبدنية، فالأنواع الثلاثة ثابتة بالنص والاعتبار .
أفضل ما يهدى للميت
قال ابن القيم : قيل الأفضل ما كان أنفع في أنفسه ، فالعتق عنه ، والصدقة أفضل من الصيام عنه ، وأفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدق عليه وكانت دائمة مستمرة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم :[ أفضل الصدقة سقي الماء ] وهذا في موضع يقل فيه الماء ويكثر فيه العطش ، وإلا فسقي الماء على الأنهار والقني لا يكون أفضل من إطعام الطعام عند الحاجة ، وكذلك الدعاء والاستغفار له إذا كان بصدق من الداعي وإخلاص وتضرع ، فهو في موضعه أفضل من الصدقة عنه كالصلاة على الجنازة ، والوقوف للدعاء على قبره.
وبالجملة : فأفضل ما يهدى إلى الميت العتق والصدقة والاستغفار والدعاء له والحج عنه.

مواد ذات صلة