العَجَلة

0 1150


العجلة خلاف البطء ، وهي مأخوذة من مادة ( ع ج ل ) التي تدل على الإسراع .
والعجلة طلب الشيء أو فعله قبل أوانه ووقته اللائق به ، وهي من مقتضيات الشهوة ، بل هي من طبع الإنسان : ( وكان الإنسان عجولا ) (الإسراء:11) ، أي طبعه العجلة ، فيعجل بسؤال الشر كما يعجل بسؤال الخير .
وقد قيل : العجلة من الشيطان ؛ لأن عندها يروج شره على الإنسان من حيث لا يشعر بخلاف من تمهل وتروى عند الإقدام على عمل يريده .

ذم العجلة

ولأن العجلة من مقتضيات الشهوة فقد ذمت  في القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله تعالى : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ) ( يونس: 11 ) ، وقوله تعالى : ( قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون * أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون) ( يونس:50 ، 51 ) ، وغيرهما من الآيات التي تبين قبح العجلة ، بل إن الله تعالى نهى نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن العجلة بالقرآن : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) ( طـه:114 )، وقوله تعالى أيضـا : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به ) ( القيامة:16 ) .

والمرء إذا كان مستجيبـا لطبعه منساقـا وراء شهوات نفسه فكان عجولا ، فإنه لا يكاد يعذر بخير ، بل ربما أدت عجلته إلى هلكته وسوء خاتمته كحالة هذا الرجل الذي قال عنه سهل بن سعد - رضي الله عنه - : إن رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ((من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا )) ، فاتبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين حتى جرح فاستعجل الموت فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه ، فأقبل الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مسرعـا فقال : أشهد أنك رسول الله ، فقال : وما ذاك ؟ قال : قلت لفلان من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه ، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين ، فعرفت أنه لا يموت على ذلك ، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك : (( إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة ، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار ، وإنما الأعمال بالخواتيم)). (رواه البخاري ومسلم) .

من صورالعجلة في الدعاء

وعن أنس - رضي الله عنه - أنه قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((هل كنت تدعوه بشيء أو تسأله إياه ؟ )) قال : نعم ، كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه ، أفلا قلت : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )) ، وقال : فدعا الله له فشفاه ". (رواه مسلم) .

وعن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - أنه قال : سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((عجلت أيها المصلي )) ثم علمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يصلي مجد الله وحمده وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((ادع تجب ، وسل تعط)). (رواه النسائي واللفظ له ، وقال الألباني في صحيح النسائي : حسن ، ورواه أبو داود ورواه الترمذي وقال : صحيح ) .

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل . يقول : دعوت فلم يستجب لي)). (رواه البخاري واللفظ له ، ورواه مسلم) .

من الخير العجلة في أمر الآخرة

وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة )). (رواه أبو داود وقال الألباني في صحيح أبي داود صحيح) .

وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت : جلس إحدى عشرة امرأة ، فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئـا . قالت الأولى : زوجي لحم جمل غث ، على رأس جبل وعر ، لا سهل فيرتقى ، ولا سمين فينتقل . قالت الثانية : زوجي لا أبث خبره ، إني أخاف أن لا أذره ، إن أذكره أذكر عجره وبجره. قالت الثالثة : زوجي العشنق ، إن أنطق أطلق ، وإن أسكت أعلق ..".(رواه البخاري ومسلم) .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة