الترغيب

0 709

هو الحث على فعل الخير وأداء الطاعات والاستقامة على أمر الله تعالى ، وقد جاء في الكتاب والسنة مقرونـا ببشريات مشهورة وحكم مذكورة .

والدعاة عندما يغرون العامة والخاصة باتباع الدين لا يسأمون من تكرار هذه الجوائز المضروبة والعلل الباعثة ، ونستطيع أن نذكر أمثلة لهذا الأسلوب من النصح الشائع في الإسلام :
1) قد تطلب الطاعة من الإنسان ؛ لأن أمر الله تعالى يجب أن يلبى ، فالله سبحانه ولي الأمر ، وولي النعمة ، الخالق من عدم ، المطعم من جوع ، الكاسي عن عري ، الساتر من فضح ، فحقه إذا أمر ، أن نسارع إلى إجابته ، وأن يرانا عند إرادته ، من يطاع إذا جحد أمره وأهمل شرعه ؟ كيف نخلع طاعته من أعناقنا، وهو أولى من يهرع إلى ساحته ، ومن يقال له : سمعنا وأطعنا ؟ قال الله تعالى : ( قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين )( الشعراء: 75 - 82 ) .
وتعليل الطاعات المطلوبة بهذه العلة يحتوي على قدر من الحق لا شك فيه.

2) وقد نطلب من الناس التحلي بمكارم الأخلاق ، والتزام العدالة في المكارم والارتقاء بالسلوك العام إلى مستوى يليق بأمجاد الإنسان ، خليفة الله تعالى في أرضه، وتغرينهم على ذلك بأن هذه أشياء حسنة أمرنا الله تعالى بها ، وهو لا يأمر إلا بالحسن . قال تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به )( النساء: 58).
أجل .. نعم ما يعظنا الله تعالى به .

وفي بيان أسرار ذلك الحسن المنوه به يمكن أن نوضح طرفـا من معنى الخير ، في الصدق ، والعفة ، أو الصلاة ، والصوم ، كاشفين حقيقة الوصايا الإلهية ، وأنها لا يمكن أن تنطوي أبدا على شر مرذول . قال تعالى : ( إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون * قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين )(الأعراف:28 ، 29) .
والترغيب في الخير بهذه العلة يحتوي على قدر من الحق لا ريب فيه .

3) وقد تحض الناس على تقوى الله تعالى والمبادرة إلى إقامة حقوقه ورعاية حدوده ، وتحري مرضاته في كل ما طلب .. لماذا ؟ لأن الضمير البشري الزكي لا يمكن أن يتألق بين حنايا الإنسان ويختص به بين متاهات الحياة ، ودسائس الأهواء ، وفتن الشياطين إلا إذا كان موصولا بالله تعالى يستلهمه الرشد ويستمد منه العون ويستدره التوفيق . قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به )( الحديد: 28 ) ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم )( الأنفال: 29 ) .
والفرقان المجعول ، هو البصيرة التي يستهدي بها المؤمن ، فلا يخلط بين حق وباطل، وهو النور الذي يمشي به فلا يزل ولا يحار ، وكل إنسان في الدنيا بحاجة إلى هذه البصيرة الهادية لتنقذه من المشكلات وتنجو به من الملمات .
والترغيب في تقوى الله تعالى - لهذه العلة - يتضمن جزءا من الحق لا شك فيه.

4) وقد نرغب في الإيمان والعمل الصالح ؛ لأنهما سبيل العيش والرغد وضمان الحياة السعيدة .
والمرء بطبيعته يحب النفع العاجل ، ويؤثر أن يجني ثمار استقامته وفرة وأمنـا وسترا ، ونحن نرى الإطماع بسعة العيش ويسر الرزق ينتقل في شتى الرسالات ، ألا ترى نوحـا - عليه السلام - يقول لقومه : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) ( نوح:10 - 12 ) ، ثم يجيء على لسان رسولنا - صلى الله عليه وسلم - : ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله )( هود: 3 ) .
ثم هو يعد الجماعة المؤمنة بالنصر والتمكين ، وانقضاء أيام الفزع والرهبة ، وطلوع فجر السيادة في الأرض ، والطمأنينة عليها . قال تعالى : (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا )( النور:55 ).
وهذه العدة الجميلة من أسباب البقاء على الإيمان وتحمل مشاق الرسالة ، والترغيب في الخير بهذا الأسلوب يتضمن قدرا من الحق كذلك لا مرية فيه .

5) وقد ندفع الناس إلى الرضا بمكاره الحق ، واحتمال تكاليف الإيمان بما قد ينتظرهم هناك في الدار الآخرة من نعيم مقيم ومنزل كريم .
ألا ترى الفارس المسلم " جعفر الطيار " يخوض غمرات الموت ويواجه حر الكفاح ولفحه المظمئ وهو يرتجز :
يا حبـذا الجنة واقترابهـا طيبـة وباردا شرابهـا

إن الدنيا منقضية لا محالة ، إذ من الذي خلد فيها قبلنا ؟ فكيف يمهد الإنسان لنفسه حياة بعدها ؟
إن الألوان الزاهية التي اصطبغت بها أوصاف الجنة تغري بالزاد المقرب إليها ، وتجعل العاقل يستكثر منه ويدخر . قال تعالى : ( وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا * عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا * إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا )( الإنسان:20 - 22 ) ، وقد اطرد في القرآن الكريم والسنة المطهرة نعت الجنة بما يجعلها أمنية المتقين ، ومستقر الركب المرتحل بعد سفر طويل .
والترغيب في الصالحات بهذا الأسلوب مستقيم مع الحق ، ولا شيء فيه .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة