التقوى خير زاد

5 1498

إن خير ما يتزود به العباد في هذه الدار الدنيا ليوم معادهم هو تقوى الله عز وجل ، كما قال تعالى: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).(البقرة: من الآية197).إنه الزاد الذي لا غنى للعبد عنه ليقدم على ربه آمنا وإلا ندم يوم لا ينفع الندم:

إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى   ولاقيت يوم الحشر من قد تزودا

ندمت على أن لا تكون كمثله    وأنك لم ترصد كما كان أرصدا

إنها خير ما يتزين به العبد وخير لباس يرتديه: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون) (الأعراف:26).

ومما يدل على أهمية التقوى وعناية الله عز وجل بتحقيق العباد لها أن الله تعالى قد وصى بها الأولين والآخرين وبين ذلك في كتابه الكريم فقال: ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله).(النساء: من الآية131).

ومما يدل على أهمية التقوى من الدين أن أنبياء الله من نبي الله نوح عليه السلام إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قد أمروا بها أقوامهم وطالبوهم بتحقيقها ، (إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون). (الشعراء:106)

 (إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون) (الشعراء:124)

 (إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون) (الشعراء:142)

 (إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون) (الشعراء:161)

(إذ قال لهم شعيب ألا تتقون) (الشعراء:177).

أما نبينا صلى الله عليه وسلم فوصى بها أمته في العديد من الأحاديث ويكفينا هنا وصيته للأمة في شخص معاذ بن جبل رضي الله عنه حين قال له: " اتق الله حيثما كنت..." الحديث.

معنى التقوى

إذا كان للتقوى هذه المنزلة من دين الله تعالى فينبغي معرفة معناها ، وقد ورد عن السلف رضي الله عنهم العديد من العبارات في بيان معناها ولعلها تدور حول معنى واحد ، وهو أن يقوم العبد بأداء ما افترض الله تعالى عليه وترك ما حرم ليكون ذلك وقاية من وقوع العبد في عذاب الله.

وقد ورد عن علي رضي الله عنه أنه فسرها بأنها :

(الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والرضا بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل).

أما عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فقال:

(ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله).

من فضائل التقوى

إن القارىء لكتاب الله عز وجل ليجد أن القرآن قد وعد المتقين بالعديد من المنح الربانية وجعلها ثمرة تقواهم لربهم تبارك وتعالى ومن ذلك أنه وعدهم بتفريج كرباتهم وإخراجهم من كل ضيق وكربة وكفايتهم أرزاقهم : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا.ويرزقه من حيث لا يحتسب) (الطلاق من الآيتين:3،2).

كما وعدهم بتيسير أمورهم: ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا)(الطلاق: من الآية4).

ولو أن العباد حققوا تقوى الله حقا لفتحت عليهم البركات وأبواب الخيرات : (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) (الأعراف:96).

إن العبد ليعمل الكثير من الأعمال يرجو بها رضا الله تعالى والفوز بمحبته، وقد وعد الله المتقين بهذا الفضل العظيم أنه الفوز بمحبته ومعيته : (بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين) (آل عمران:76) .

(إن الله يحب المتقين)(التوبة: من الآية4)

(واعلموا أن الله مع المتقين)(التوبة: من الآية36).

هذا شيء يسير مما ورد من بشارات للمتقين في هذه الدنيا ، أما في الآخرة فإن لهم من الأجر والكرامة ما لا يعلمه إلا الله تعالى ومن ذلك:

وعدهم بالنجاة من عذابه: (ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) (مريم:72).

(وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون) (الزمر:61) .

ومن كرامته على الله أنه يحشرهم يوم القيامة مكرمين آمنين: (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) (مريم:85)

ثم هم يوم القيامة في جنات يتنعمون ، يجدون فيها الجزاء الطيب على تقواهم لربهم في هذه الدار الدنيا:

(للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين . جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين).(النحل:30 ،31).

وقال تعالى : (إن المتقين في جنات وعيون).(الحجر:45).

(إن المتقين في مقام أمين . في جنات وعيون . يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين.كذلك وزوجناهم بحور عين. يدعون فيها بكل فاكهة آمنين.لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم.فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم) (الدخان:51-57).

ولو أردنا أن نتتبع كل ما ورد في القرآن من فضائل التقوى لطال بنا المقام لكننا أردنا أن ننبه فقط إلى شيء من فضائلها ، والحر تكفيه الإشارة ، فنسأل الله أن يعمر قلوبنا بتقواه وأن يرزقنا ثواب المتقين ، والحمد لله رب العالمين.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة