عمر بن الخطاب

1 2269

هو أمير المؤمنين، أبو حفص العدوي القرشي، فاروق هذه الأمة، ووزير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أيد الله به الإسلام وفتح به الأمصار، وهو الصادق المحدث الملهم، الذي قال فيه المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب) رواه الحاكم، الذي فر منه الشيطان، وأعلي به الإيمان، وأعلن الأذان!
روى الإمام أحمد في (مسنده) أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: (إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه).

جهوده في خدمة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

هو الذي سن للمحدثين التثبت في النقل، وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب، فقد روى البخاري ومسلم في (صحيحيهما) عن أبي سعيد الخدري أنه قال: كنت جالسا بالمدينة في مجلس الأنصار، فأتانا أبو موسى [الأشعري] فزعا أو مذعورا، قلنا: ما شأنك؟ قال: إن عمر أرسل إلي أن آتيه، فأتيت بابه فسلمت ثلاثا، فلم يرد علي فرجعت، فقال: ما منعك أن تأتينا؟" فقلت: "إني أتيتك فسلمت على بابك ثلاثا، فلم يردوا علي فرجعت، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع). فقال عمر: أقم عليه البينة وإلا أوجعتك! فقال أبي بن كعب: لا يقوم معه إلا أصغر القوم. قال أبو سعيد قلت أنا أصغر القوم. قال فاذهب به. وفي رواية لأبي داود أن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال لأبى موسى: "إني لم أتهمك، ولكن الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شديد!"، وفي رواية أخرى عندأبي داود أيضا أن عمر قال لأبي موسى: "... ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

وفي السياق نفسه روى البخاري ومسلم في (صحيحيهما) أن عمر استشار الناس في إملاص المرأة [أي التي تضرب بطنها فتلقي جنينها]، فقال: من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في السقط؟ [وهو الجنين يسقط من بطن أمه قبل تمامه ذكرا كان أم أنثى] فقال المغيرة بن شعبة أنا سمعته قضى فيه بغرة عبد أو أمة. قال: ائت بمن يشهد معك على هذا. فقال محمد بن سلمة: أنا أشهد على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذا.

وهذه الأخبار وغيرها تظهر لنا بجلاء  كيف كان حرص عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - على أن يتثبت ويتأكد عنده خبر الصحابي بقول صحابي آخر من غير تهمة للأول، وتوضح لنا أن الخبر إذا رواه ثقتان كان أقوى وأرجح مما انفرد به واحد، وفي ذلك – أيضا - حض على تكثير طرق الحديث من أجل مزيد من الاستيثاق والتثبت.

وقد كان عمر - رضي الله تعالى عنه - من وجله أن يخطئ الصحابي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يأمر الصحابة أن يقلوا الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولئلا يتشاغل الناس برواية الأحاديث عن حفظ القرآن.
فعن قرظة بن كعب الأنصاري قال: خرجنا نريد العراق، فمشى معنا عمر بن الخطاب إلى صرار [اسم مكان]، فتوضأ ثم قال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا: نعم، نحن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشيت معنا [ أي لحقنا وإكراما لنا]، قال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل!! فلا تبدونهم بالأحاديث فيشغلونكم [يريد: فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم]، جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - وامضوا وأنا شريككم، فلما قدم قرظة قالوا: حدثنا. قال: نهانا ابن الخطاب، رواه الحاكم.

وقد أسس - رضي الله تعالى عنه - لأدب التحديث، فعن سليم بن حنظلة قال: أتينا أبي ابن كعب لنتحدث عنده، فلما قام قمنا نمشي معه، فلحقه عمر فرفع عليه الدرة، فقال أبي: يا أمير المؤمنين اعلم ما تصنع؟ فقال عمر: أما علمت أنها فتنة للمتبوع ذلة للتابع؟!

وهكذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حافظا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحارسا للشريعة حتى استشهد - رضي الله تعالى عنه - في أواخر ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين للهجرة النبوية، والأرجح أنه عاش ثلاثا وستين سنة - رضي الله عنه -.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة