الشُّفعة وأحكامها

1 1742

عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: "قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة" متفق عليه، وفي رواية لمسلم عن جابر أيضا قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة ما لم تقسم، ربعة أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، وإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به".

غريب الحديث

الشفعة لغة: مشتقة من الشفع وهو الضم، وشرعا: استحقاق الشريك انتزاع وضم حصة شريكه من يد مشتريها بالثمن الذي استقر عليه العقد مع المشتري، وتتضح العلاقة بين المعنيين اللغوي والشرعي، فإذا كانت الشفعة لغة بمعنى: الضم والزيادة، فإن الشفيع بانتزاعه حصة شريكه من يد من انتقلت إليه بضم تلك الحصة إلى ما عنده فيزيد بها تملكه، فالضم والزيادة موجودان في المعنيين اللغوي والشرعي، غير أن الشفعة في الشرع اعتبر فيها قيود جعلتها أخص من معناها في اللغة.

وقد كانت الشفعة معروفة عند العرب، فإن الرجل في الجاهلية إذا أراد بيع منزل أو حائط أتاه الجار والشريك والصاحب يشفع إليه فيما باع فيشفعه ويجعله أولى به ممن بعد منه، فسميت شفعة، وسمي طالبها شفيعا.

وقعت الحدود: عينت الحدود، والحدود جمع حد وهو هنا: ما تميز به الأملاك بعد القسمة.

صرفت الطرق -بضم الصاد وكسر الراء المثقلة-: بينت مصارفها وشوارعها.

شرح الحديث

هذا الحديث الشريف هو العمدة في مشروعية الشفعة؛ إذ أن الشفعة من الأحكام التي جاءت بها السنة ابتداء، ومعنى الحديث: أنه إذا باع أحد الشريكين نصيبه من العقار أو المال المشترك بينهما، فللشريك الذي لم يبع أخذ النصيب من المشتري بمثل ثمنه، دفعا لضرره بالشراكة.

وهذا الحق ثابت للشريك ما لم يكن العقار أو المال المشترك قد قسم وعرفت حدوده وصرفت طرقه، أما بعد معرفة الحدود وتميزها بين النصيبين، وبعد تصريف شوارعها فلا شفعة، لزوال ضرر الشراكة والاختلاط الذي ثبت من أجله استحقاق انتزاع المبيع من المشتري.

من فقه الحديث

- الشفعة من محاسن الإسلام: شرعت لدفع الضرر عن الشريك؛ لأنه ربما اشتري نصيب شريكه عدو له، أو صاحب خلق سيئ، فيحدث بسبب ذلك التباغض، ويتأذى الجار، وفي ثبوت الشفعة دفع للأذى والضرر.

- تثبت الشفعة: في كل شيء لم يقسم من أرض، أو دار، أو حائط، ويحرم التحايل لإسقاطها؛ لأنها شرعت لإزالة الضرر عن الشريك.

- الشفعة حق للشريك متى علم بالبيع: فإن أخرها بطلت شفعته، إلا أن يكون غائبا أو معذورا فيكون على شفعته متى قدر عليها، وإن أمكنه الإشهاد على المطالبة بها ولم يشهد بطلت شفعته.

- إذا مات الشفيع: ثبتت الشفعة لورثته، ويأخذ الشفيع المبيع بكل الثمن، فإن عجز عن بعضه سقطت.

- لا يجوز للشريك أن يبيع نصيبه حتى يؤذن شريكه: فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به، وإن أذن له وقال: لا غرض لي فيه، لم يكن له المطالبة به بعد البيع.

- الجار أحق بشفعة جاره: فإذا كان بين الجارين حق مشترك من طريق أو ماء ثبتت الشفعة لكل منهما، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا) رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد صحيح.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة