لا تمييز عنصرياً في الإسلام

0 772

صاحب أنشودة الكفاح الأولى، سحبوه وهو يردد: أحد.. أحد.. لأن الرجل ذاق قل هو الله أحد، الحياة عنده أن يموت الباطل، والموت لديه أن يعيش الحق، رماه الكفار بالحجارة، فأخذه الإمام ورفعه على المنارة.

وصل بصوته أهل الأرض بأهل السماء، وأهل الفناء بأهل البقاء، والضعفاء بالأقوياء، فهو صمود المستضعفين أمام الجبروت، وقلعة البائسين في وجه المستكبرين.

بلال قصة الإسلام يوم ألغى الرق وحرر الضمير، وأنهى الاستبداد، وأكرم الموالي تمثلت فيه السمو بلا نسب، والنبل بلا مال، والرفعة بلا جاه، والعزة بلا عشيرة.

أذن بلال الأسود على الكعبة السوداء، معلنا سيادة الحق، قر سواد عين الإسلام بالمؤذن الأسود والبيت الأسود:

كأن حلته السوداء قد نسجــت   مـن حبة القلب أو من أسود المقل

بلال ثلاثة مشاهد.

مشهد الحجارة السوداء تصلي جسمه، والأذان يتفجر من حنجرته، ونشيد: غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه، بلال برهان على عظمة المبدأ، وانتصار القيم، ورسوخ الميثاق.

استعبده أمية فحرره أبو بكر، أرخصه الكفر فأعلاه الإسلام، لفظته الأرض فاستقبلته السماء، ضربت قدماه بالسياط فسمع دفا نعليه على البساط، أزعج المشركين بنداء: أحد أحد، وأطرب المؤمنين بأذان: أشهد أن لا إله إلا الله، موهبة بلال: صوت يعبر الأثير بالحق في صرامة وحرارة وإباء وإصرار.

ولدته إفريقيا، وربته آسيا، وأنصتت لصوته أوروبا، الأهل في الحبشة، والشباب في مكة، والعمل في المدينة، والمنصب على المنارة، والوفاة بـالشام، والموعد الجنة.

الإمام قرشي، والمؤذن حبشي، ماء النسب عقيدة، وصلة القربى مبدأ، وعروة المحبة إيمان، فالتقى الماء على أمر قد قدر. بلال حيث ينتصر الحق على الباطل، والحقيقة على الخيال، واليقين على الظن، والفقر الطاهر على الغنى الزائف.

ألا يكفي جلادي العالم عبرة أن السياط لا تلغي القيم، وأن المشانق لا تقتل المبادئ، وأن التعذيب لا يميت الحقوق، والدليل سيرة بلال، فقد بقي صوته ينقل حيا على هواء القلوب عبر أثير الصدق، والصمود والإصرار والصلاح والصبر.

بلال تحدى بطهره الحجارة، وبحنجرته الفضاء وبحبشيته قرشية أمية بن خلف، وبالسواد البياض، وبالقلة الكثرة، إن جاءت الإمام بشارة قال: يا بلال أذن في الناس، وإن حزب أمر قال: {أرحنا بها يا بلال}.

في سيرة بلال أن المجد لمن غلب، وأن النهاية لمن صبر، وأن العاقبة لمن اتقى.

ألا بلغ الله الحمى من يريدها   وبلغ أطراف الحمى من يريدها

ركوته لشرب المعلم، وعصاه سترة للإمام، وعينه لمراقبة الفجر، وفمه لإعلان الميثاق، ركب بلال المنارة، مناديا إلى الصلاة، وركب الكعبة صادحا بالحق، وركب فرسه منافحا عن الله، ثم ركب أكتاف الأبطال إلى الجنة، والآن يرقد بلال بعد أن أدى ما عليه، وسلم ما لديه، وقاتل بيديه، وسعى بقدميه، ويكفيه أنه في الجنة يسمع دفي نعليه.

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة