أَنْقِذُوا (العَرَبِيّ)!

0 681

تداول المغردون وسما في تويتر بهذا العنوان، وتحدثوا بذكرياتهم حول مجلة العربي الكويتية، وطالبوا باستمرار صدورها؛ لأنها تمثل منصة تأثير وتكوين لجيل من مثقفي العرب؛ كانوا يتلقفونها شهرا شهرا، ويلتهمون موادها حرفا حرفا؛ بدءا بمقال رئيس تحريرها أحمد زكي.
كنت أسير في الشارع فوجدت كومة من أعداد المجلة فأخذتها بفرح وجلست أتصفحها أياما، ومن المقالات التي كانت تستفزنا نحن طلبة المعهد العلمي الشرعي مقال: (ليس كل ما في البخاري صحيح)، والذي كان ينتقد أحاديث في البخاري دون خلفية علمية تخصصية، ويقع في عثرات بسبب ضعف صلته بعلم الحديث والسنة سندا ومتنا!

حين رأيت الوسم (الهاشتاق).. رددت في نفسي: أنقذوا العربي.. أنقذوا العربي الذي يقتل في كل مكان؛ في العراق، وسوريا، واليمن، ومصر، وليبيا، وفلسطين.
أنقذوا العربي؛ الذي لم تعد دول العالم تكترث بقتله؛ لأن أهم ما لديها هو الحفاظ على مصالحها، واستمرار وصول الخيرات إليها.
ولم تعد المنظمات الإنسانية تهتم بقتل أفراد، فقد صارت مشغولة بإحصاء المجازر الجماعية؛ التي تصل إلى مجزرتين أو ثلاث يوميا في سوريا.
حتى لغة الإدانة والتجريم تراجعت، فبعد مئات الآلاف من القتلى صرنا نسمع الحديث عن جرائم (ترقى) لأن تكون جرائم ضد الإنسانية!
ترقى!
وحتى لو كانت كذلك فلماذا وضعت المحاكم الدولية؟
وهل فعلا العالم عاجز عن إيقاف شلالات الدم العربي في الشام؟
أما العرب أنفسهم فهان عليهم القتل حتى لم يعد لديهم وقت للحديث عن القتل بـ(التفريد)، فعشرات يقتلون في مصر أو تونس لا يبكي عليهم أحد؛ لأن الناس مشغولون بما هو أكبر!
لا زلت أذكر الضجة الإعلامية التي حدثت أيام (سحب) أحد المتظاهرين في القاهرة، وحديث القنوات المصرية كلها عن هذا العمل الفظيع الشنيع..
وقتها كنت أقول: ها هو الإحساس بقيمة الإنسان يكبر في أوطاننا، وتغذيه وسائل إعلامنا!
أين تلك الغضبة مما يجري اليوم؟
سؤال له ألف جواب، ولا جواب منها يهدئ من لوعة النفوس المصدومة بهوان الدم العربي على أهله، الهوان الذي ألهم الصهاينة في فلسطين أن يتجرؤوا أكثر ويحاولوا تقليد بعض أنظمة الشرطة العربية في إطلاق النار على المشتبه بهم في الشوارع دون تردد أو خوف من مساءلة!

يقول لي قائل:
أنقذوا الدم المسلم!
ونعما قال!
فالدم المسلم رخيص في العالم العربي، وفي العالم كله، وما مجازر ميانمار وإفريقيا الوسطى عنا ببعيد..
على أن الحديث عن الدم المسلم لا يمنع الحديث عن الدم العربي خاصة!
والعرب؛ هم مادة الإسلام، وشعبه، وأساسه، وتاريخه.
وقد ورد في حديث مرفوع في: (أخبار آخر الزمان)، رواه أبو هريرة وغيره، وذكره أحمد، وأبو داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
يبايع لرجل ما بين الركن والمقام، ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب.. .
ففي الحديث إشارة إلى استحرار القتل في العرب في بعض أوقات الفتن، والعرب على وجه الخصوص.
وفيه أن من يستحل الحرمات هم أهلها من العرب والمسلمين قبل غيرهم، وبعد ذلك أشار الحديث إلى ذي السويقتين من الحبشة؛ الذي يهدم البيت الحرام.
فكأن جراءة العرب على بيتهم المعظم كان سببا في جراءة غيرهم!
ولزوال الدنيا أهون عند الله من قتل امرئ بغير حق!
ولقتل المؤمن أعظم عند الله من هدم الكعبة.
و(لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما) (رواه البخاري).

فكيف أصبح الدم هينا سهلا يتجرأ عليه الناس لمصالحهم السياسية أو الحزبية، وباسم الإسلام أو باسم محاربة الإرهاب يتم تجاوز الحدود والحقوق، وإزهاق الأرواح البريئة؛ لنساء، وأطفال، وشيوخ، وشباب لا يعرفون لماذا يقتلون؟!
وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول:
والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قتل، ولا المقتول فيم قتل. فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: الهرج، القاتل والمقتول في النار " (رواه مسلم عن أبي هريرة)

أيها العرب أنقذوا الدم العربي!
فإذا لم تفعلوا فلا تستنكروا أن تتجرأ شعوب الأرض كلها على المشاركة في حفلة الدم البشري البريء!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة