احترام الحقيقة

0 1275

عظمة المرء يا أبنائي وبناتي من عظمة ما يؤمن به, وما يفديه, وما يدافع عنه, وإن ديننا الحنيف الذي نفخر بالانتماء إليه يوجهنا إلى حب الحق واحترام الحقيقة, وأن نتعامل معها كما هي من غير تزيين ولا تقبيح.

وإن الحق من أسماء الله - تعالى - ونبينا صلى الله عليه وسلم جاء بالحق, وبالحق قامت السموات والأرض.

 إن التثبت من صحة ما نسمع, وما نقرأ يشكل البداية لتحديد موقفنا منه والبداية لموالاة الحق ونصرته.

أنتم تسمعون اليوم الكثير من الأخبار المتداولة, وتقرؤون كثيرا مما يكتب على (الإنترنت)، وتلاحظون أن كثيرا منه مجهول المصدر, كما أن أسماء كتاب بعضه مستعارة, وأسانيد الروايات التي نسمعها حول كثير من الأشياء مجهولة..

هذا كله يلزمنا ألا نسارع إلى تصديق ما نسمع ونقله ونشره حتى لا نكون شركاء في تعميم الأخبار المغرضة والعارية عن الصحة, وأنتم تعرفون ما ذكره الله - عز وجل - في هذا الشأن حين قال: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}. وقال - سبحانه -: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا}.
إنه توجيه كريم للمؤمنين إذا كانوا في الغزو ألا يعجلوا في القتل حتى يتبين لهم المؤمن من الكافر.

ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لبناتي وأبنائي؟
إنه يعني الآتي:

1- دربوا انفسكم على عدم تصديق كل ما تسمعونه من خلال إثارة التساؤل حوله وإعمال العقل فيه, ودربوها كذلك على الإقلال من روايته ونشره, وقد قال عليه الصلاة والسلام: [كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع].

2- ابحثوا دائما عن مصدر القول الذي تسمعونه, وحاولوا معرفة ناقليه, هل هم ثقات مؤتمنون أو لا؟

3- في الغالب يكون ثبوت ما تشاهدونه أعظم وأشد من ثبوت ما تسمعونه, وكلما طالت سلسلة الرواة والناقلين للخبر, كانت إمكانية وقوع الخطأ والوهم أكبر.

4- تثبت التجارب والوقائع التي تفوت الحصر أن النقل الشفوي يظل غير دقيق, والناس يزيدون في الأخبار الشفوية حسب فهمهم وأمزجتهم وأهوائهم, فلا تتعاملوا مع ما تسمعونه من روايات تعاملا حرفيا, ولا تثقوا بكل مفرداته وتفاصيله.

5- كلما انطوى الخبر على غرائب وأمور غير مألوفة وجب علينا أن نتوقف وندقق فيه أكثر؛ لأن كثيرا من ذلك يكون غير صحيح أو مبالغا فيه.

6- لا يعرف حجم الشيء, ولا يعرف مقداره وخطؤه وصوابه حتى ينتهي، ولهذا فإن المطلوب منكم هو التربث في إصدار الأحكام إلى أن ينتهي المتحدث من كلامه, والكاتب من موضوعه والذي قد ينشره على حلقات عدة.
ــــــــــــــــــــــــــ
كتاب "50 شمعة لإضاءة دروبكم"

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة