كيف نحمي أبناءنا من التحرش

0 1420

بات التحرش الجنسي بالأطفال والبنات المراهقات، من أكثر القضايا التي تشغل الآباء هذه الأيام؛ فينادون بضرورة إيجاد حلول جذرية لها، ومعرفة طرق عملية لتدريب الطفل على مواجهة المتحرشين به، وتوعيته بكيفية التعامل معهم، وعدم الانصياع لأوامرهم، مع عدم الخوف من تهديداتهم.

وحماية الطفل من تحرش الآخرين به، تبدأ منذ نعومة أظفاره، ويجب أن تكون وعيا وثقافة ضرورية في هذا الزمن الذي أصبح المرء فيه لا يأمن على أطفاله حتى مع أقربائه خاصة المراهقين منهم، وألخص الأمر في النقاط التالية التي أخاطب فيها الوالدين، خاصة الأم؛ لقربها من أبنائها، وخبرتها التي يجب أن تكون تجاههم إذا شعرت بتغير في حالتهم النفسية أو البدنية:

1 - اغرسي في طفلك منذ صغره أن جسده ملكه وحده، ولا يجوز لأي شخص مهما كان أن يطلع على أعضائه، ولا أن يعريه، ولا أن يقترب منه إلى درجة الملاصقة، فكل ذلك يجب أن يكون خطا أحمر يحرم على أي شخص كائنا من كان أن يتعداه مع الطفل.

2 - يفضل أن يصطلح الآباء مصطلحا محددا لأعضاء الطفل التناسلية، ويكون كلمة لائقة مفهومة لا تدعو إلى الخجل إذا تلفظ بها، وإن كنت أرى أن تسميتها الشرعية (عورة) أفضل وأكثر أدبا؛ فبهذه التسمية يدرك الطفل أنها ملكه وحده، ولا يجوز بأي حال من الأحوال كشفها، أو اطلاع غيره عليها، ويستطيع نطقها دون خجل أمام أهله إذا دعا داع إلى ذلك.

3 - عودي طفلك على استخدام المرحاض بنفسه في سن مبكرة، في الرابعة أو قبل ذلك (حسب نمو إدراكه، وقدرته على استخدام يديه في تنظيف أعضائه التناسلية)، ويعلم الطفل بالحب، لا بالإكراه أو الصراخ، وبالتدريج؛ فيفضل أن يعتاد دخول الحمام وحده في أول أمره بمساعدة أمه، ثم بعد ذلك تعلمه كيف ينظف نفسه إذا تبول، وتجعل تعليمه تنظيف نفسه بعد التبرز آخر مرحلة.
وتؤكد الأم على طفلها بغسل يديه جيدا بالماء والصابون، كما تؤكد على إغلاق باب الحمام أثناء قضاء حاجته، وألا يسمح لأي شخص بفتح الباب عليه، وتفهمه أن الشرع قد نهى أن يطلع علينا أحد ونحن في هذا الوضع.

4 - من الأمور التي يتساهل فيها الآباء، دخول الطفل إلى الحمام مع أحد والديه، ورؤيته له وهو عار، سواء أثناء الاستحمام، أو أثناء قضاء حاجته، وأيضا التساهل في تعرية أجساد الإخوة أمام بعضهم البعض أثناء تغيير ملابسهم أو أثناء استحمامهم معا؛ رغبة من الأم في توفير وقتها.
وهذه الأمور لا ينبغي أبدا التساهل فيها؛ فهي تعطي الطفل إشارة أنه بالإمكان لأي شخص أن يراه عاريا، أو أن يدخل معه الحمام، ويستسهل خلع ملابسه أمام أي أحد، وإذا حاول أحد خلع ملابسه فلن يشعر بذلك الغضب الذي يشعر به الطفل الذي تربى على فضيلة الستر وعدم التكشف أمام الآخرين.
ولا بد أن ينشأ الطفل منذ نعومة أظفاره على هذا الأدب العظيم من آداب الإسلام، ألا وهو أدب الاستئذان؛ فيطرق الباب، ولا يدخل إلا بعد أن يؤذن له، وإن قيل له: ارجع فليرجع. والاستئذان يكون على أي شخص مهما كان، حتى لو كان أمه وأباه، أو أحد إخوته.

5 - من الضروري أن نؤكد على الطفل ألا يقبل أحدا في فمه، ولا يسمح أبدا بأن يقبله أي شخص في فمه؛ ونوضح له أن هذا يعرضه للخطر، وينقل إليه الأمراض، ونعلمه كيف يكون حازما مع الشخص الذي يقبله بهذه الطريقة، فيخبره بصوت قوي أن هذا خطأ ومضر بالصحة، وأبواه يمنعان ذلك منعا باتا.

6 - لا بد أن يحرص الأبوان - خاصة الأم- على تشجيع طفلهما على أن يحكي كل ما يحدث معه أثناء يومه، فتعمل الأم على فتح قنوات حوار مع طفلها، تسأله عن يومه كيف قضاه في مدرسته أو حضانته، وعن زملائه ومدرسيه، وإذا رأته ذابلا ومنزويا، لا بد أن تقترب منه وتحتضنه، وتعرف منه سبب انطوائه؛ لأن احتمال تعرضه لعملية تحرش أو ابتزاز من أحد الأشخاص وارد في هذه الحالة.
 
وتقوية أواصر الثقة بين الوالدين وطفلهما، تشجعه على البوح بما يسوؤه، وهذه الثقة تأتي بالحب، لا بالصراخ في وجهه إن أخطأ، ولا بالعنف أو القسوة بشكل مبالغ فيه وقت خطئه؛ وذلك حتى يطمئن إليهما، فيحكي كل ما يحدث معه
وليدرك كل أب وأم أن ضرب الطفل باستمرار خاصة على يديه، ناهيك عن وجهه الذي قد كرمه الله وحرم الشارع الضرب عليه، ينشئ طفلا ضعيف الشخصية خائفا، لا يثق في نفسه ولا في قدراته، يسمح للآخرين بانتهاك حقوقه بسهولة وهو صامت لا يبدي أية مقاومة.

7 - يجب تعليم الطفل فنون الدفاع عن النفس؛ حتى يدافع عن نفسه إذا حاول شخص ما لمس أعضائه التناسلية، أو تقبيله في فمه، واحتضانه بقوة مع ملامسة مؤخرته، أو الإضرار به بأي صورة كانت. فنعلمه أن الشخص الذي يفعل هذه الأفعال الإجرامية شخص ضعيف، فبمجرد صراخ الطفل سيبتعد عنه فورا ، وإذا لم يبتعد وحاول إسكاته؛ فعلى الطفل أن يحاول عضه، ويضربه بقوة بكوعه، أو بقبضة يده ....... وساعتها سيبدأ هذا الشخص بالتلوي؛ مما يتيح للطفل الهروب من بين يديه.
 
ويجب مراعاة نقطة هامة في هذا الأمر، وهو أننا نقدم للطفل هذه النصائح لندربه على مواجهة الأزمات، لا لنصيبه بالوسواس والذعر من الآخرين، فنقدمها له على شكل حكاية قصيرة، أو نشاهد معه مقطعا من تلك المقاطع المتوفرة على (اليوتيوب) والتي تشرح هذه المهارات على شكل فيلم كارتون، وبطريقة عرض بسيطة ومحببة للأطفال. وننتبه إلى أننا لا نثقل في تقديم مثل هذه النصائح، بل تكون قليلة وقصيرة ....

دور المدرسة:

من الضروري جدا أن يهتم الآباء بتوجيه المعلمين في المدارس لعقد جلسات حوار مع الأطفال، يعلمونهم فيها كيفية الدفاع عن أنفسهم إذا تعرضوا للتحرش الجنسي من أي شخص، ويفضل أن يعرض لهم تلك الأفلام التعليمية، ثم يتيحون لهم فرصة المشاركة بآرائهم حول هذا الموضع.
 
ولا بد أن يكون المعلم في المدرسة كالأب والأم في البيت، يلجأ إليه الطفل وقت شدته؛ فيحكي له ما يتعرض له من مضايقات وتحرشات من الآخرين. وأحيانا يكون دور المعلمين أكبر من دور الآباء؛ فينجحون في إيصال تلك الثقافة بشكل أسرع وأقوى. ويجب أيضا أن تحرص إدارة المدرسة على وجود رقابة صارمة على الحمامات، فلا تسمح مطلقا لأي طفل أن يدخل الحمام مع زميله، ......ومن الضروري تعيين عامل أمين على حمامات المدرسة؛ ليكون رقيبا عليها، وأيضا عمل (ترباس) خفيف يكون في متناول يد الطفل، فيغلقه فور دخوله الحمام، ويفتحه بسهولة.
 

ودائما وأبدا نتسلح بالدعاء بأن يحفظ الله أبناءنا من كل سوء؛ فنستودعهم الله إذا ابتعدوا عن ناظرينا؛ فإن الله - سبحانه- لا تضيع عنده الودائع.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة