الصوم عند اليهود

0 300

يعتبر الصوم عند اليهود رمزا للحداد والحزن في العهد البابلي، وكان يلجأ إليه إذا هدد خطر، أو إذا كان الكاهن أو (ملهم) يعد نفسه لإلهام، أو نبوة، وكان اليهود يصومون مؤقتا، إذا اعتقدوا أن الله ساخط عليهم، غير راض عنهم، أو إذا حلت بالبلاد نكبة عظيمة، أو خطب كبير، أو إذا أصيبت البلاد بوباء فاتك، أو بجدب عام، وفي بعض الأحيان عندما يعزم الملوك على مشروع جديد.

أيام الصيام المحددة الدائمة قديمة ومحدودة في التقويم اليهودي، علاوة على يوم الكفارة، يوم الصوم المقرر الوحيد في الديانة الموسوية، وكانت هنالك أيام معينة للصوم الدائم في ذكرى حوادث أليمة، وقعت لليهود في أيام الأسر في (بابل) وهي تقع في الشهر الرابع (تموز) وفي الشهر الخامس (آب) وفي الشهر السابع (تشري) وفي الشهر العاشر (تبت Tebet) ويرى بعض ربيي (التلمود) أن صيام هذه الأيام إجباري عندما يعيش الشعب الإسرائيلي تحت قسوة الحكومات الأجنبية وفي اضطهاد، ولا تلزم عندما يتمتع الإسرائيليون بأمن ورخاء.

وزيدت إلى أيام الصيام هذه أيام أخرى، تصام تذكارا لكوارث ومآسي نزلت باليهود، وأضيفت إلى الأولى على مر الأيام، وهي لا تعتبر إلزامية، ولم تنل الحظوة الكافية عند الجمهور، ومع اختلاف يسير يبلغ عددها إلى خمسة وعشرين يوما.

وهنالك أيام صيام شعبية محلية، تختلف باختلاف الأقاليم والمناطق التي يسكنها اليهود منذ زمن بعيد، وهي تذكار كذلك لكوارث وخطوب أصيبت بها هذه الشعوب في أوقات مختلفة، واضطهاد وقسوة تعرضوا لها في بعض الحكومات، وأيام صيام تصومها بعض الطبقات دون بعض في ذكرى وقائع ومحن في تاريخ اليهود، وفي ذكرى مآتم وأفراح في حياتهم الشخصية، وصوم أول يوم من السنة شائع في كثير من الطبقات، وهنالك أيام صيام تشرع، ويأمر بها الربيون إذا تعرض الشعب لخطر، أو تأخر المطر، أو أصيبت البلاد بمجاعة، أو صدرت مراسيم قاسية، أو قوانين غليظة.

وأيام الصيام الشخصية المختارة التي يفضلها بعض الأفراد دون بعض شائعة في تاريخ اليهود منذ زمن مبكر، وهي أيام صوم تذكارية لبعض الحوادث الفردية، أو كفارة عن بعض المعاصي والآثام، أو لجلب رحمة الله وعفوه عند خطر داهم، أو بلاء نازل، وصوم تلك الأيام لا يشجعها الربيون، ولا يوافقون عليها، إذا كان الصائم رجلا علميا، أو أستاذا معلما، حتى لا يشوش ذلك خاطره، أو يضعف صحته. وهنالك صوم يصام على أثر رؤيا مفزعة، ولما كانت الشريعة اليهودية لا تسمح بالصوم في أيام الأعياد، فـ (التلمود) يبيح هذا الصوم في هذه الأيام، بشرط أن يكفر عنه بصوم آخر في أيام عادية.

والصوم عند اليهود يبتدئ من الشروق، وينتهي عند ظهور أول نجوم الليل، إلا صوم يوم الكفارة -وهو اليوم العاشر من الشهر السابع (تشري Tishri) كما في دائرة المعارف اليهودية- واليوم التاسع من شهر (آب) فإنه يستمر من المساء إلى المساء، وليس هنالك أحكام وتقاليد للصيام العادية، وقد رغب في الصدقة وإطعام المساكين، وخصوصا توزيع العشاء المعتاد التقليدي.

إن الأيام التسعة الأولى من شهر (آب) وبعض أيام بين اليوم السابع عشر من شهر (تموز) وبين اليوم العاشر من شهر (آب) تعتبر أيام صوم جزئي، فيحرم فيها تناول اللحوم، وتعاطي الخمور فقط.

* المقال للأستاذ أبي الحسن الندوي، ضمن كتاب (مقالات الإسلاميين في شهر رمضان الكريم/د.محمد موسى الشريف).

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة